قالب بلوجر اخباري احترافي

قالب ستايلد إلمنت و قالب اخباري احترافي بامتياز ويدعم أدسنس بقوة

قالب أسود للصور والفيديوهات

قالب أسود للصور والفيديوهات أحترافي ويدعم أدسنس

المفضلات الاجتماعية المتحركة مع الصفحة

اضافة يبحث عنها الكثير من المدونين وهي عبارة عن كود هشتمل جافاسكريبت بسيط

قالب بلوجر بلاك موشن أسود يدعم أدسنس

قالب بلوجر رائع أسود وبه هيدر بانر وعمودين جانبين أنصحكم بالقاء نظرة عليه ولن تندموا

This is default featured post 5 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.This theme is Bloggerized by Lasantha Bandara - Premiumbloggertemplates.com.

الأحد، 31 يوليو 2011

رؤية فرنسية في النحو العربي... أندريه رومان

" لم يكن هذا العمل مجرد إضافة كتاب فى النحو إلى المكتبة العربية، فما أكثر ما تحمله المكتبات من كتب فى العربية وعلومها اللغوية، وإنما جاء عملنا هذا انطلاقا من إيمان عميق بأن لبعض المستشرقين رؤى ثاقبة فى الثقافة العربية - بوجه عام- وعلوم اللغة - بوصف خاص - قد تتفق أو تختلف مع حقيقة ثقافتنا وواقعها؛ ومن ثم فقد تُقبَل لإيجابياتها أو تُرفَض لسلبياتها، فإذا ما وقفنا على فكر هذا المستشرق الفرنسى من خلال كتابه الذى بين أيدينا ومن خلال محاضراته لنا ــ إذ إننا تلمذنا على يديه بفرنساـ نجد أنه ذو فكر لغوى عالٍ، يقدم من خلاله رؤية جديدة للنحو العربى، وقد ساعده على ذلك ثقافته ودرايته التامة باللغة اللاتينية واللغات السامية وقواعدها" (من مقدّمة المترجمين).

النحو العربي، تأليف: أندريه رومان (أستاذ اللسانيات واللغات الشرقية بجامعة ليون 2)، ترجمة: د. علاء إسماعيل /د.خلف عبد العزيز.


هذه ترجمة لكتاب :
André Roman, Grammaire de l'Arabe, Presses Universitaires de France, Paris, 1990.
لتحميل الكتاب: اضغط هنا

“القفازة” (الشطارة) أو المفهوم الجديد للنّجاح... زين الدين خرشي


مقدمة:
أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماعنا لكلمة “القفازة” أو لإحدى المقولات -المروج لها في مجتمعنا- المتضمنة لها على شاكلة “إقفز تعيش”، هو الانتشار الواسع الذي يعرفه استعمال هذه المفردة اللغز. الشيء الذي يدفعنا للتساؤل عن ما هي “القفازة”؟ ما هو مضمونها؟ ما هي دلالاتها الاجتماعية؟ لماذا هذا الربط “المنطقي” بين العيش والقفازة؟ من هو الشخص القافز؟ … هي أسئلة، تتطلب الإجابة عنها تجاوز مرحلة الوصف -التي لابد منها كخطوة أولى للفهم والإحاطة– إلى البحث في “القفازة” باعتبارها ظاهرة اجتماعية تستوعب مجموعة من القيم والسلوكات. وذلك من خلال وضعها في السياق المجتمعي العام الذي ظهرت ونمت فيه وربطها بمختلف أبعاده الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية.

إن أهمية دراسة قيمة وسلوك “القفازة” في المجتمع الجزائري تكمن في طابعها الخاص، الذي يتأكد لنا من خلال مؤشرين رئيسيين. الأول هو أنها من القوة والحضور عند معظم شرائح المجتمع (على اختلاف الفئات العمرية) لدرجة أنها صارت لوحدها مرادفا لمكانة اجتماعية مميزة. فالشخص القافز هو الشخص الذي يتحلّى بمجموعة من القيم والسلوكات المحددة (فهو: فحل، راجل، فاهم، عارف بخبايا الحياة والمجتمع، مرن في تعاملاته وعلاقاته، يخرج من المواقف الصعبة بسهولة تامة، يستغل كل الفرص الممنوحة له …الخ)، التي تمكنه من تحقيق وبلوغ الهدف السامي وهو النجاح في الحياة (إذن هي سلوك هادف و عقلاني؟). أما المؤشر الثاني فهو كونها تلعب دورا مركزيا في دينامية التغير القيمي في المجتمع الجزائري عن طريق “شرعنتها” و”تبريرها” لوجود مجموعة أخرى من القيم، بأن توفر لها شروط الانتقال من نطاق المحرم (اجتماعيا وأخلاقيا) إلى نطاق المسموح به والمقبول.
1 * تحديد مفهوم القفازة:
لغة: بالرغم من أن مفردة “القفازة” هي كلمة دارجة يشيع استعمالها في اللهجة الجزائرية -وبذلك حاملة لمضامين، ومعبرة عن دلالات اجتماعية وثقافية خاصة بهذا المجتمع-، إلا أن أصلها اللغوي مستمد من العربية الفصحى، فـكلمة:”القفازة” مشتقة من الفعل “قفز، والقفز هو الوثب، والفرس “القافزة” هي الفرس السريعة (1). إذن فالقفز في اللغة العربية يحمل معنيين اثنين هما الانتقال والسرعة (الانتقال السريع من حالة إلى أخرى).

وللإشارة، فإنه في المشرق العربي يشيع استخدام كلمة “الشطارة” للدلالة على نفس الحالة السلوكية والقيمية التي تعنيها “القفازة” في المجتمع الجزائري، لكن مع التأكيد دائما على الخصوصية الثقافية والاجتماعية لمضامين ودلالات كل من الكلمتين. أيضا نجد أن “القفازة” تقترب في معناها من كلمة “الجدعنة” المستعملة في المجتمع المصري، فالشخص “القافز” في الجزائر يقابله الشخص “الجدع” في مصر.
في اللغة الفرنسية ومع صعوبة إيجاد مرادف لكلمة “القفازة”، إلا أنه بإمكاننا إيراد كلمتين قريبتي المعنى منها. الأولى أوردها نورالدين بوكروح (2) في حديثه حول “القفازة” في المجتمع الجزائري وهي كلمة: l’esbroufe والتي وظّفها لتبيان جوانب التباهي، التبجح والخديعة في سلوك الفرد القافز. والفعل: (3) esbroufer في الفرنسية يعني: السعي لفرض النفس بتبني سلوك أو هيئة وقـار لا يستحقها صاحبهـا.(4) هذه الكلمة باللغة الفرنسـية لا تشمل إلا بُـعدا واحدا مـن معـنى “القفـازة” ودلالاتـها الاجتماعية أي بُـعد الخداع والتحايـل. أمـا الكـلمة الثانيـة فهـي: la débrouillardise من الفعـل (5) se débrouiller ، والذي يعني الخروج من ورطة أو مشكلة ما بالاعتماد على النفس وبتوظيف القدرات والمهارات الشخصية (6).
اصطلاحا(7): إن مسألة الإحاطة بمفهوم مركب كمفهوم “القفازة”، وتحديد مختلف أبعاده، لابد وأن تبدأ بمحاولة لحصر التصورات الذهنية والاجتماعية المكوَنة حول جزئية: من هو الشخص القافز؟ أو ما هي مقومات القفازة؟ على اعتبار أن لفظ القافز الذي نطلقه لوصف حالة ما، هو في المقام الأول تصور ذهني (représentation intellectuelle) كوّناه حول واقع ما، أو دور اجتماعي ما، لذا فالقافز -وبالاستعانة ببعض مفردات اللهجة الجزائرية- هو: الفْحَل، الراجل، الفاهم، الذي يحل مشاكله بسرعة، يتجاوز العراقيل والحواجز بذكاء، له شبكة علاقات كبيرة وفي كل مكان…الخ. بصفة أخرى “القافز” هو الشخص “الذكي اجتماعيا وعقليا”، الذي تجتمع فيه كل القدرات والمهارات الفكرية والاجتماعية.
يتضح مما سبق أن “القفازة” مفهوم جامع لعدد من العناصر المشكلة له، والتي يمكن عرضها في بعدين.
بعد قيمي: على درجة من التجريد، يشمل قيمًا معينة مع التصورات الاجتماعية والثقافية لمعانيها ودلالاتها، مثل: الفحولية، الرجولية، شبكة العلاقات (المعريفة)، الحيلة، الدهاء …الخ.
بعد سلوكي: أكثر تجسيدا على أرض الواقع، يجمع بين السلوكات والأفعال التي تتضمنها كل قيمة من القيم سالفة الذكر.
من خلال هذا يتبين لنا وجود ملمح لما يمكن تسميته بـ: “النسق القيمي والسلوكي” للقفازة، والمقصود بالنسق هنا هو ذلك التلازم والترابط الموجود بين مختلف العناصر (القيمية والسلوكية) المكونة لكلمة “القفازة”، والتي تجعل منها “وحدة قيمية” مميزة. ويتأكد أكثر الطابع النسقي للقفازة حين نتمعن في اتجاه وهدف سلوكات “القافز” في المجتمع، فهي تسير في نفس الاتجاه المحقق لهدف “العيش” (النجاح) وفق المقولة المعروفة “اقفز تعيــش”.
2 * التغير الاجتماعي والقيمي في الجزائر وظهور القفازة:
بالعودة لتاريخ الجزائر الحديث نتلمس كرونولوجيا أحداث تسمح لنا بتقسيم منطقي للمراحل التي مر بها المجتمع الجزائري، وهي على التوالي: مرحلة حرب التحرير، مرحلة التحرير، مرحلة البناء الاجتماعي (التشييد)، مرحلة إصلاح ومراجعة البناء الاجتماعي، وأخيرا مرحلة الانفتاح والديمقراطية. وبالتتابع فإن مميزات كل مرحلة من هذه المراحل هي: التضامن والإجماع على مبدأ الكفاح في حرب التحرير، حرية السلوك والتـوْق إلى العدالة في مرحلة التحرير، التعبئة والانضباط طيلة مرحلة البناء الاجتماعي، البحث عن أشكال وصيغ جديدة للتعبئة والتنظيم في مرحلة إصلاح ومراجعة البناء الاجتماعي، وأخيرا التوجه لاقتصاد السوق وفتح المجال للتعددية في مرحلة الانفتاح والديمقراطية (8).
إن المراحل الثلاث الأولى (1954-1980) جاءت في إطار جامع لها ابتغى تكريس الاستقلال السياسي ثم الاقتصادي. أما المراحل اللاحقة فتدخل في إطار توجه جديد، سياسيا اقتصاديا اجتماعيا وإيديولوجيا بهدف الإصلاح والمراجعة، ما يؤشر بوضوح أن شيئا ما قد حدث في سيرورة المجتمع الجزائري على كل الأصعدة وفي كل المستويات، ما يدفعنا إلى القول بوجود قطيعة.
كل هذه المراحل التي مرّ بها المجتمع الجزائري (من تاريخ اندلاع ثورة التحرير إلى اليوم)، ليست مرتبطة فقط بالمستوى السياسي وما عرفه من تغيرات وأحداث، فكل مرحلة من هذه المراحل تمثل وحدة منطقية جامعة لمعظم أفراد المجتمع في هيكلها ووظائفها. نقطة البداية أو النهاية في كل مرحلة من هذه المراحل ناتجة عن التقاء مجموعة من الأحداث السياسية الاقتصادية الثقافية والاجتماعية، والتي تقع في نفس الوقت ما يؤدي إلى التأسيس لنموذج جديد من العلاقات والقيم والسلوكات الاجتماعية (9).
وتعد المرحلة الرابعة (1980-1988) الخاصة بالإصلاح والمراجعة لما سبق، تعد خير مثال على هذا التلاقي بين مختلف الأحداث وما نتج عنه من تغير على صعيد العلاقات الاجتماعية، من ناحيتي القيم والسلوك. ضمن توجه عام لمحاولة وضع تصور جديد ينظم علاقة المستوى السياسي (مؤسسات الدولة وسياساتها) بالاقتصادي (القطاع الصناعي العمومي) وبالاجتماعي (الحاجات الاجتماعية المتزايدة).
إن عمق التغير الذي أصاب المجتمع الجزائري، جعله ينتقل في غضون جيلين (جيل الثورة وجيل الاستقلال) من مستوى تنظيم اجتماعي: صلب، أحـادي التـدرج  (Mono Hiérarchisé)، محدد المكانات الاجتماعية، خاضع لقيم أخلاقية قهرية ومركزية (المؤسسة الدينية والقبلية)، بنمط إنتاج هادف لتحقيق الاكتفاء واستهلاك تقشفي، إلى مستوى تنظيم اجتماعي: أقل صلابة، متعدد التدرج  (Hiérarchie Multiple)، غير محدد المكانات الاجتماعية، خاضع لقيم أخلاقية أقل قهرية ومركزية، وبنمط إنتاج محقق للفائض واستهلاك أبعد ما يكون عن التقشف.(10)
في مطلع الثمانينات، بـدأت الانعكاسات الأولى للنمو الديموغرافي المرتفع لسكان الجـزائر -طيلة عشريتين- بالظهور والتأثير المباشر على بنية المجتمع. ففي 1980 صار سن الشباب الجزائري المولود في 1962 ثمانية عشر سنة، وصاروا بذلك يمثلون أول موجة لجيل ما بعد الاستقلال الذي وُلد وترعرع في كنف السلم والحرية. ومن النتائج المباشرة والمهمة لهذا الواقع الجديد هو أن مسار التغير في المجتمع الجزائري صار مدفوعا -أكثر من الستينيات والسبعينيات- بشريحة الشباب، من خلال قوتها العددية ونزعتها المطلبية الضاغطة على المستويات السياسية الاقتصادية والاجتماعية (مطلب توفير مناصب العمل، توفير المسكن، وتحسين القدرة الشرائية). إضافة إلى تبنيها لسلوكات اجتماعية قائمة على مبادئ الفردانية والبحث عن الثروة والمواجهة الإيديولوجية (المطالبة بالتعددية السياسية مع ظهور بوادر التيار الإسلامي وارتفاع صوت المطلب الأمازيغي). ومن جهة أخرى فإن «امتزاج مختلف هذه الأبعاد قد ولّد نمطا اجتماعيا (سلوكيا وقيميا) جديدا على درجة عالية من الخصوصية والتعقيد» (11). في 1980 تم إحصاء 11 مليون شاب تحت سن 19 سنة (12)، وهو نفس عدد سكان الجزائر سنة 1966!
كما أن التغير الذي حدث عـلى أُطر الاندماج الاجتماعي، من خلال تحولها من النمط القديم القائم على الأسرة الممتدة ووحدة الاقتصـاد، إلى نـمط جـديد قائم على الأسـرة النـووية، العمـل والاستهلاك، وضع الفرد والمجتمـع الجـزائريين أمـام شكل جديد للعـلاقة بين: “الأسرة-العمل-الاستهلاك”، مختلفة تماما عن شكل هذه العلاقة في 1962.(13) وإن فهم طبيعة هذه العلاقة بمستوياتها الثلاث (أسرة-عمل-استهلاك)، يُعد مدخلا لابد منه لفهم التغير الذي عرفه ويعرفه حتى اليوم المجتمع الجزائري. فالأسرة -وفق هذه العلاقة- تُعرِّف المكانة الذاتية لأفرادها، والعمل يُعرِّف العائد الاقتصادي لكل فرد، والاستهلاك يُثـبِّت ويُبلور المكانة الذاتية بصفة نهائية. وبذلك ستكون درجة وطبيعة المكانة التي يحتلها الفرد في الأسرة والمجتمع بحسب درجة وطبيعة مساهمته في القدرة الاستهلاكية للأسرة (14).
وفي هذا السياق صارت قيمة وسلوك الاستهلاك أداة ووسيلة في سبيل ضمان التمتع بمكانة اجتماعية مرموقة، على اعتبار أن درجة المكانة وطبيعتها مرتبط بالقدرة على الاستهلاك، وهذا ما يسميه مصطفى بوتفنوشت بـ: la consommation instrumentale، فميزانية الأسرة، مساحة البيت وعدد غرفه، نوع السيارة …الخ، كلها تدخل في إطار هذا النوع من الاستهلاك. ليس الاستهلاك لأجل الاستهلاك فقط بل إن فعل الاستهلاك يتجاوز تلبية “الحاجة المادية” للسلعة أو المنتوج، إلى تلبية “الحاجة المعنوية” له. ومنه «وجد الفرد نفسه في مقابل إستراتيجية اجتماعية صعب تجاهلها، امتلاك كل شيء والقدرة على كل شيء هو شرط الارتقاء إلى مكانة اجتماعية مرموقة…الامتلاك والقدرة بصفة جزئية يساوي إمكانية ارتقاء محدودة» (15).
لقد خضعت مختلف شرائح المجتمع وفئاته العمرية لهذه الإستراتيجية الاجتماعية، وصارت تؤمن بفكرة تحقيق مكانة اجتماعية على أساس القدرة على الاستهلاك. فتوسيع قاعدة الاستهلاك وبلوغ درجة استهلاك الرفاهية (la consommation de prestige) صارت واحدة من غايات الفرد في المجتمع الجزائري. كل شرائح المجتمع وكل فئاته العمرية صارت واعية بوجود هيكلة وتنظيم جديدين للمجتمع ولقيمه.
كذلك فإن خصوصية التغير الذي عرفه المجتمع الجزائري يتضح في سرعة حدوثه وعمق آثاره، ما قاد العديد من علماء الاجتماع الجزائريين إلى وصف هذا التغير بـ: الكسر. «في ما يتعلق بعلاقة الجزائري بالأرض، فالمناسب هنا هو الحديث عن كسر (Cassure) وليس عن قطيعة (Rupture) ... ففي المخيال الاجتماعي صار مفهوم التقدم والنمو مرتبط بالمدينة، بالأجر و بالوظيفة…في 1966 كان حجم العمالة في القطاع الزراعي يمثل 58 % من الحجم العام للقوى العاملة الجزائرية (قرابة الثلثين)، أما في 1977 فلقد صار حجم هذه العمالة يمثل 31 % فقط (قرابة الثلث)، بالنظر إلى هذا التحول من زاوية الأجيال نسجل أنه لم يحدث بصفة تدريجية على مدى ثلاثين سنة، بل حدث في جيل واحد، جيل بعد الاستقلال، وفي حيز زمني ضيق جدا يعادل عشر سنوات» (16).
ومن ملامح هذا الكسر أيضا، الفارق الموجود بين مشروعين أو تصورين للمجتمع وللدولة، المشروع الأول: الذي يروج له الخطاب السياسي الرسمي وروافده في المجتمع، والمشروع الثاني: المتمثل في الواقع المعيش على الأرض.
3  * الدلالة الاجتماعية والقيمية للقفازة:
القفازة تعبر عن إيديولوجية صراع ومواجهة مع الآخر، هذا الآخر يتسع لاستيعاب الكثير من مفردات الواقع الجزائري، بيروقراطية مؤسسات الدولة، الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، نظام القيم في المجتمع. إلى الحد الذي صارت فيه “القفازة” واحدة من المنعكسات السلوكية -واسعة الانتشار-، وإحدى الثوابت التربوية التي يحرص الآباء على زرعها في أبناءهم، على اعتبار القفازة من متطلبات المعيشة. الآباء يعلمون أبناءهم -سرا وعلنا- كيف يتجنبون الوقوع ضحية تحايل الآخرين (أولاد الحرام)، وكيف أنـه بإمكـانهم -عند الحاجة- التحايل على الآخرين، وكيف يكونوا “قافزين” في الحياة، لأن العيش في المجتمع لم يعد سهلا وأن لا مكان ولا مستقبل للضعفاء. هم بهذا يُـشرعنون لهم فكرة تجاوز -والقفز على- القواعد القانونية والحدود التي وضعها المجتمع في شكل القانون والنظام.
يلاحظ على “القفازة” -بشقيها السلوكي والقيمي- أنها ظهرت ونمت في بيئة قيمية امتازت بممارسات اجتماعية جديدة أنتجها –بحدّة- مجتمع ما بعد الثمانينيات. وهي تعبر عن توجه فعلي نحو تبني سلوكات يمكن وصفها -من منظور مدرسة العقد الاجتماعي- بسلوكات “ضد اجتماعية”، من حيث أنها تترجم بوضوح التعارض بين المصالح الخاصة للأفراد، والمصلحة العامة للمجتمع. إن “القفازة” جاءت على النقيض تماما لمبادئ “الخيار الاشتراكي للتنمية”. فإذا كان هذا الأخير قائم على فكرة مركزية ووحدة التوجه والقرار والسلطة، فإن “القفازة” تعبر عن رغبة لدى الجزائري في التحرر من هذا القيد والعمل لمصلحته الشخصية، وهي أيضا دليل قاطع على أن هناك «مشكلة كبيرة في قدرتنا على العمل والفعل جماعيا» (17).
القفازة” كقيمة اجتماعية، هي تركيز لمشاعر الخوف، الريبة، العتاب، والثأر التي يعيشها المجتمع الجزائري. “القفازة” تستوعب الكثير من المفردات السلوكية “الضد-اجتماعية” التي هي أقرب إلى التمرد على القيود من كونها مجرد تغير بسيط على مستوى القيم الاجتماعية، وما ذهب إليه عبد الناصر جابي في كتابه “الجزائر النخبة و المجتمع”(18) يوضح هذا البعد بقوة، من خلال تناوله لثنائية “الأب الفاشل والابن القافز”، وكيف أن القفازة كقيمة اجتماعية شرعنت للابن التمرد على السلطة الأبوية ووسعت من مساحة نفوذه داخل الأسرة.
خاصية التمرد في “القفازة” نابعة من كونها في المقام الأول ترجمة سلوكية (فِعلية) لموقف الشباب من المجتمع ومن الطبقة السياسية ومآخذهم عليها. من هنا لا ينبغي التعامل مع “القفازة” على أساس أنها ضرب من العشوائية أو الفوضى، في حين أنها -في الحقيقة- ردة فعل “منطقية” لشريحة واسعة من المجتمع تجاه واقع متأزم، «فالشباب ليسوا على الإطلاق محاربين بدون قضية، فثمة أكثر من مبرر لتمردهم حتى وإن عجزوا عن طرح القضايا التي يحاربون من أجلها بشكل مقنع للكبار» (19).
4 * القفازة و تغير مفهوم النجاح:
يوحي واقع المجتمع الجزائري بعد 1980 بأن النزعة نحو الفردانية (l’individualisme) صارت منتشرة أكثر مما سبق، وأن السعي وراء تحقيق المصلحة الشخصية -بطريقة واضحة وصريحة- صار مبدءا ومطلبا عامّـين متفق عليهما. كذلك يوحي هذا الواقع الاجتماعي الجديد بوجود حراك اجتماعي واسع، وسباق كبير نحو الغِنى، «إلى حد اعتبار الشخص صاحب المبادئ الأخلاقية والطموح المحدود، والذي لا يطلب شيئا من مؤسسات الدولة، اعتباره شخصا هامشيا و”غير عادي” (A-normal) وحتى فاشل، أما “الشخص العادي” في هذا البناء الاجتماعي المرن فهو “رجل الأعمال” (l’affairiste) الذي له معارف وعلاقات في كل مكان ويمكنه حل المشكلات بسرعة وسهولة فائقتين».(20) هو إذن رجل أعمال من طراز معين، لا يحترم بالضرورة القانون ويتعامل في الغالب مع شبكات غير رسمية.
هذه المرونة في البنية الاجتماعية، تُـقنن وتُـحدد المعايير الجديدة لتوزيع الأدوار والمكانات الاجتماعية، والتي يحتل وفقها “القافز” مكانة اجتماعية راقية على عكس “غير القافز” الذي يكتفي بمكانة أدنى (21).
ويمكن ملاحظة الأفراد الممارسين للدورين الاجتماعين: “القافز” و”غير القافز” في الكثير من تشكيلات الحياة الاجتماعية، في الوسط العائلي، في المدرسة، في الجامعة، في المؤسسة الاقتصادية، في النشاط السياسي…الخ. ولأن الضغوطات التي يعيش وسطها الفرد في هذه البنية الاجتماعية المرنة ضغوطات قوية جدا، فمن شأن تقمص دور القافز (قيميا وسلوكيا) تحقيق التحرر من هذه الضغوطات والقيود.
ودائما وفق هذه البنية الاجتماعية الجديدة، نجد أن مساهمة “التعليم” في تحديد طبيعة ودرجة المكانة الاجتماعية للأفراد مساهمة محدودة. فمستوى التعليم غير معترف به في هذا الإطار إلا في حال تحقيقه لمكانة فردية مرموقة من خلال ضمان عائد مالي معتبر (أجر أو ثروة) أو توسيع القاعدة الاستهلاكية من خلال تحسين إمكانية تلبية كل الحاجات الضرورية والثانوية. لذا فإنه في هذا السياق لابد من التفريق بين كل من: “المكانة” (le Statut) و”الهيبة” (le Prestige) «فمستوى التعليم العالي وحده لا يضمن مكانة اجتماعية راقية،(22) بل يُكسب صاحبه -فقط- هيبة ثقافية».(23) إن المكانة الاجتماعية الراقية تستلزم أكثر من المستوى التعليمي، إذ لا بد من توافر مهارات وشروط أخرى تتوافق والنموذج السلوكي-القيمي للبناء الاجتماعي الجديد. بعبارة أخرى هناك تلازم بين المكانة الاجتماعية والقفازة.
والقفازة لمّا فرضت نفسها كقيمة اجتماعية جديدة -تتضمن نموذجا سلوكيا معينا- فهي بذلك أدخلت تمثلات اجتماعية و ثقافية جديدة لمفهومي: النجاح والمكانة في المجتمع الجزائري.
كما أن التغير الذي طرأ على النموذج المجتمعي “لمسار النجاح”، أدى إلى انخفاض متوسط سنوات الدراسة التي يقضيها الشباب في التمدرس،(24) وارتفاع نسب التسرب المدرسي، وتراجع قيمة الدراسة وطلب العلم (25).
في ظل غياب مسارات أو وصفات نجاح ثابتة ومضمونة، ملبية ومحققة لطموح، حاجات وآمال الشباب، تشكلت “القفازة” كمسار بديل للنجاح المرن والمفتوح. حدث في هذا السياق عملية تفكيك وإعادة تجميع نموذج نجاح جديد. التحايل -على اختلاف صوره- صار في جزائر اليوم أحد ثوابت الحياة الاجتماعية، التحايل في كل مكان، في البيت في المدرسة في الجامعة في الإدارة في المؤسسة في الحزب في الوزارة، أينما ولّيت وجهك تصادف صورة من صور التحايل. بالتحايل (الغش في الامتحان) يكمل الآلاف من الطلبة دراستهم، بالتحايل (التراباندو والتبزنيس) تضمن الآلاف من الأسر الجزائرية لقمة عيشها، بالتحايل (التزوير والوعود الكاذبة) يفوز المئات من السياسيين في الانتخابات.
خاتمة:
صار من البديهي اليوم، الجزم بأن “القفازة” كنسق “قيمي-سلوكي” ما هي إلا واجهة تخفي وراءها صراعا وتصادما يدور في نطاق “السباق نحو التموضع الاجتماعي”، أين يبحث كل فرد من المجتمع عن “موضع” يضمن له الأمن المادي والمعنوي. يتم هذا من منطلق أن “الضبط” الذي يمارسه المجتمع على أفراده تحول إلى “ضغط” وجب التحرر منه لتحقيق الذات، والقفازة كميكانزم لشرعنة الممارسات والسلوكات الاجتماعية، توفر غطاءً ذكيا وشرعيا للخروج من هذا الضغط.
إن الشرعنة التي تمارسها “القفازة” على جزئيات الواقع الاجتماعي الجزائري، وبالتداخل مع عوامل أخرى، أفرزت توجها واضحا -خاصة لدى الشباب- نحو تبني سلوكات متطرفة وضد-اجتماعية ميزتها الأساسية العنف، ماديا كان أم رمزيا. القفازة لم تعد “طـريقة في السـلوك” (une façon d’agir)  فحسب، بل أصبحت “طريقة في الـوجود والسـلوك” (une façon d’être et d’agir)، فهي ترسم وتحدد مجالات التفكير والسلوك للأفراد، وتضع لها حدودا معينة. وبالمختصر المفيد القفازة هي تكريس لمسار ومفهوم جديدين-بديلين للنجاح.
وبالنظر للمعنى الذي يضفيه “القافز” على مفهوم النجاح، نجده مكرسا لسلطة “المطلب الاجتماعي”. فالنجاح بالنسبة له مقرون بالنجاح المادي في المقام الأول، لأنه هو فقط الذي يُمكّـنه من تحقيق مطالبه الاجتماعية التي لم تتمكن الدولة والمجتمع من تحقيقها.
المراجع و الهوامش:
(1)           منجد الطلاب، دار الشروق، بيروت، ط 36، 1990، ص: 606.

(2)           Noureddine Boukrouh, L’Algérie entre le mauvais et le pire, Casbah éditions, Alger, 1997 p: 86.
(3)           Larousse: Pluri dictionnaire, éditions Larousse, Paris, 1977, p: 498.
(4)           Esbroufe : faire de l’esbroufe, chercher à en imposer en prenant un air important, (synonyme : jeter de la poudre aux yeux), (synonyme : bluffer). Esbroufer quelqu’un, chercher à l’impressionner.
(5)           Larousse, Op.cit, p: 380.
(6)           Débrouiller (se) : se tirer d’affaire par ses propres moyens, en faisant preuve d’habilité et d’ingéniosité : se débrouiller avec ce qu’on a.
(7)           لتفكيك مفهوم معقد مثل مفهوم القفازة، تمت الاستعانة بفصل “التحليل المفهومي” في: موريس أنجرس، ترجمة: بوزيد صحراوي وآخرين، منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية، تدريبات عملية، دار القصبة للنشر، الجزائر، ط 2، 2006. ص: 157.
(8)           Mostefa Boutefnouchet, La société Algérienne en transition, OPU, Alger, 2004. p: 51.
(9)           Ibid, p: 53.
(10)      Ibid, p: 57.
(11)     Ibid, p: 59.
(12)     Ibid, p: 69.
(13)     Ibid, p: 61.
(14)     Ibid, p: 61.
(15)     Ibid, p: 61.
(16)     Ibid, p: 63.
(17)     Noureddine Boukrouh, Op.cit, p : 51.
(18)     عبد الناصر جابي، الجزائر: النخبة و المجتمع، دار الشهاب، الجزائر، 2008.
(19)
عزت حجازي، الشباب العربي و مشكلاته، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، الكويت، فيفري 1985، ص: 13.
(19)     Mostefa Boutefnouchet, Op.cit, p : 62.
(20)     Ibid, p: 62.
(21)     في هذا السياق لفت انتباهي الأستاذ عبد الرزاق أمقران إلى ما يؤكد رأي مصطفى بوتفنوشت، بأن هناك أغنية لجنيريك مسلسل تلفزيوني فكاهي (إنتاج محطة قسنطينة) تُعبـر –بامتياز- عن هذه الحالة. تقول الأغنية في أحد مقاطعها “الأستاذ الجامعي… شانو عالي وجيبو خالي” (شأنه عالٍ وجيبه خالٍ أو خاوٍ).
(22)     Ibid, p: 62.
(23)     وفق إحصائية لسنة 2007 فإن متوسط عدد السنوات التي يقضيها الجزائريون في التمدرس هي 11 سنة.

أحاديّة الآخر اللغويّة... جاك دريدا



كتاب ينتقل فيه دريدا من أقاليم اللغة بحمولاتها الحاضرة ودلالاتها الغائبة إلى البحث في أقانيم الهوية بمسمياتها المتفردة تارة، وألاعيبها المتكثرة تارة أخرى. إن العودة لدريدا هنا لا تحمل من العودة سوى معنى العودة، فهي ليست عودة تفكيكية، ولا بنيوية، وإنما هي عودة تهدف إلى وضع دريدا على محك "البحث الهرمينوطيقي"، ومحاولة إدخاله مملكة المعنى، المرجع، الدلالة وبالمرة إخراجه من أقنوم اللغة الباحثة عن انسجامها داخل غرائبية لفظية متعبة، مرهقة تكاد أن تجعل من الإنسان رمزاً ضمن قائمة مرموزاتها الكثيرة.


لتحميل الكتاب: اضغط هنا

تمثيلات الآخر: صورة السود في المتخيّل العربي الوسيط... نادر كاظم




يحفر د. نادر كاظم عميقا في تربة الشروط التاريخية والاجتماعية والثقافية التي انتجت خطاب اللون في سرديات العلاقة بين الاعراق في إطار الثقافة العربية والإسلامية في العصر الوسيط، مستلهما خطابات المعرفة النقدية المعاصرة، وآلياتها من تمثيل وتفكيك وبنية، ومنفتحا على علوم الانسان الاجتماعية والانثربيولوجية والأدبية كاشفا عن مرجعيات هذا الخطاب وآلياته وتمظهراته في المحكيات والمرويات والنصوص المنجزة من خلال بابين،خصص الأول منهما لمرجعيات المتخيل والتمثيل الثقافي، الذي عالج فيه اسئلة الأسود في مرجعيات المتخيل العربي عبر مداخل التاريخ بوصفه سردا.




الجبلة البيضاء والقراية المتخيلة وسرديات الصراع والوفاق، ومرجعية الأنساق الثقافية- الدين واللغة والرمز- من مداخل مفهوم النسق الثقافي، والدين بوصفه نسقا ثقافيا، والآخر في التصور الإسلامي والأسود بين شمولية الدعوة ومجازيات الثقافة، ودلالات السواد الرمزية - الأحلام واللباس والحيوان- وفصل آخر بعنوان مستويات المغايرة وقوة التمثيل من مداخل: الأسود والمغايرة والحاجة الى التمثيل وخطاب الاستغراق والصور النمطية عن السود، ولعنة السواد وامثولة النيئ والمطبوخ والمحترق.


وخصص د. نادر كاظم الباب الثاني للحفر في موضوع الأسود والتمثيل الثقافي التخييلي. من خلال فصلين الأول تحت عنوان الأدب بوصفه تمثيلا ثقافيا ويناقش فيه قضايا السرد وعبور الحدود ومجال الآخرية، أما الثاني الأسود والتمثيل السفري فينافس قضايا الشعر وخطورته في التمثيل والتواطؤ بين الجمالية والهيمنة والتمثيل والتمثيل المضاد.


يصف د. عبد الله الغذامي معالجة الكاتب عبر مدخل اللون في مقدمته للكتاب بقوله:


ولا شك أن نسق (التلوين) الثقافي أمر من أشد الأمور حساسية في أي ثقافة وليس عندنا فحسب، ولكنه يزداد خطورة في ثقافتنا حينما نكتشف هذا الضيم وكيف هو مخالف لأهم مبادئنا الدينية التي نجنح إلى التباهي بها وحق لنا ذلك لولا ما يجتاحها من أمراض ثقافية صارت مع الزمن نسقا مزمنا، ونسق (التلوين) هو نسق يدخل في كل مناحي الحياة، وتبدأ الثقافة في تلوين الصورة عن نفسها وعن العالم من حولها مثلما تفعل الكاميرات، ثم تأتي منح ثقافية ذات طابع اجتماعي عام فتخص بعض الألوان بمسميات تقوم مقام الطبقات ومثلما لديك طبقات اجتماعية تكونت من الزمن وفرقت بين المتساوين فإن اللون قد مر عليه تنصيف مماثل وتميز لون عن لون، وجرى تقسيم الألوان على المجتمعات، وكما يتميز المجتمع بتقاليده وفنه وثقافته فإنه يميل إلى منح لون بشرته قيمة تحاكي قيمته السياسية الثقافية في نفسه، ويكون لونه هو اللون الأرقى بما أن اصحاب هذا اللون هم الأرقى - حسب الوهم الثقافي أو حسب إيهام الذات بذلك - وفي النصوص ما يشير إلى تقبيح الجسد الأحمر كأحمر عاد وألوان العلوج وللحمرة نصيب من التقليل قد لا يبلغ ما بلغه اللون الأسود من الإقصاء ولكن الحالتين تدلان على أن اللون نسق ثقافي تنبني عليه تصورات، وهي كلها تحمل الشيء ونقيضه - كما هو شأن النسق الثقافي - حيث يكون هناك معنيان متناقضان ويتصاحبان في تجاور دائم، وبمقدار ما تقول بإنسانية ثقافتك وعدالتها الروحية تأتي جمل ثقافية كاشفة تقول بعكس ذلك. وهذه هي سيرة أي نسق ثقافي بما أنه يتغذى ويتوسل بالعمى الثقافي لضمان ديمومته ومفعوليته.


وحول مفهوم التمثيل يقول الكاتب: لا تخلو ثقافة من الثقافات من تمثيل للذات أو للآخر، فالتمثيل هو الذي يعطي الجماعة صورة ما عن نفسها وعن الآخر، وهو الذي يصنع لهذه الجماعة معادلا لما يسميه بول ريكور بـ «الهوية السردية» للجماعة. ان تمثل بالمعنى المسرحي، يعني ان تتقمص الدور وتتصدر المشهد وتفرض حضورك على الآخرين، وان تمثل بالمعنى النيابي، هو ان تتحمل مسؤولية النطق بالنيابة عن الآخرين الممثلين. وهي وضعية لم تبلغها الثقافة العربية إلا مع ظهور الاسلام الذي دفع ثقافة العرب الى الواجهة، وأتاح لها إمكانية التوسع والامتداد في بقاع العالم الوسيط، كما وفر لها إمكانية كبيرة لاحتضان الآخرين المختلفين واستيعاب ثقافاتهم المتنوعة. وبهذه الخصوصية في استيعاب الآخرين المختلفين اشتقت هذه الثقافة فرادتها المميزة على مستوى الهوية الثقافية، حيث كانت الهوية في هذه الثقافة بمثابة مشروع غير ناجز ولا مكتمل، بل هي سيرورة متنامية تعظم بتكاثر الداخلين في الاسلام والمنضوين تحت رايته. وبما ان مجال الهوية الثقافية غير محدد ولا مؤطر بحدود نهائية، فإن مجال الآخرية كذلك بقي مفتوحا دون رسم نهائي لحدوده. فالسؤال عمن هو «الآخر» في هذه الثقافة سؤال لا تتاح الإجابة عنه بيسر إلا بطريقة سلبية، أي ان الآخر هو «غير المسلم»، و«غير المسلم» هذا قد يعتنق الاسلام ويصير مسلما ومنضويا في الهوية الثقافية العربية، لا لأننا نقرأ في هذا الكتاب نصوصا كتبت أصلا باللغة العربية دون غيرها من اللغات الإسلامية السائدة في المجتمعات الإسلامية الأخرى، بل لأننا لا نضيف جديدا لما هو بدَهَي من كون الإسلام من أهم مكونات هذه الثقافة الى درجة أنه ورد في الأثر أنه «من ولد في الإسلام فهو عربي»، و«من تكلم العربية فهو عربي، ومن أدرك له اثنان (ابوان) في الاسلام فهو عربي». إن هذه الأقوال تعبر عن انفتاح الهوية الثقافية وقدرتها على احتضان الآخرين، كما انها تعبر عن تسامح الإسلام وتجاوزه المشهود لحواجز اللون والعرق، إلا انها تنطوي في الوقت ذاته على مركزية قومية وعرقية جعلت مجتمعات الإسلام المتباينة والممتدة والمنتشرة في بقاع العالم مشدودة بقوة الى المركز، الى ثقافة العرب التي انتصرت، وفتحت، وجعلت من نفسها قوة الإسلام المركزية والمرجعية.


لقد اصطدمت هذه الثقافة بآخرين «أعداء»، لأنهم «غير مسلمين»، وينصبون العداء للإسلام والمسلمين، وليس هذا بدعا من الأمور، فلكل ثقافة آخرها العدو، إلا ان الغريب في الموضوع ان هذه الثقافة تعاملت بصورة عدائية مع آخرين «غير مسلمين» لكنهم لم ينصبوا العداء للإسلام، أو مع آخرين دانوا بالإسلام، إلا ان عمق الاختلاف والمغايرة المضاعفة بينها وبينهم كانا أكبر من طاقة التسامح التي نشرتها هذه الثقافة من الاسلام. ولعل أبرز مثال على ذلك هو تلك الكيفية التي تعاملت بها هذه الثقافة مع الآخر الأسود المسلم وغير المسلم، هذا الآخر الذي وصم بصفات انتقاصية، وصوُر مشوةَّ ومشوِّة ترسبت في المتخيل العربي، ورسختها ممارسات التمثيل المتنوعة الخطابية وغير الخطابية. وهي ممارسات عكست بوضوح مدى الغلبة التي تمتعت بها سياسات الهيمنة وتحصين الهوية ضد اختراقات الآخر الأجنبي والمختلف ثقافيا.


وبناء على ذلك يمكننا القول إن في هذه الثقافة آليتين تشتغلان معا وبصورة متعارضة: الآلية الأولى هي آلية الجذب والدمج والاحتضان، وهي التي توافرت في هذه الثقافة بفضل الاسلام واعتماده على مبادئ عالمية تبشر برسالة توحيدية تهدف الى هداية الناس أجمعين. أما الآلية الثانية فهي آلية الطرد وهي التي تعبر عن رغبة هذه الثقافة في تحصين هويتها ضد الآخرين. وهكذا فإن الآلية الأولى تخلق هوية ثقافية منفتحة ومتسامحة، فيما تصنع الآلية الثانية هوية مغلقة و«متوحشة» ومتصارعة مع الآخرين.


الأسود في مرجعيات المتخيل العربي


وفي الجانب المتعلق بصورة الأسود في المخيال السردي والأدبي يضرب الكاتب عميقا في ثرية الشروط التي أنتجت هذا الخطاب ففي الفصل الأول فهو تحت عنوان «الأسود في مرجعيات المتخيل العربي» وهو يتناول بالدرس والتحليل أهم وأبرز تلك المرجعيات والمحركات الخفية التي كانت تحرك هذا المتخيل وتحكم طبيعة اختزاله للآخر الاسود وتدعم تمثيلاته عنه وركزت في الكتاب على مرجعيتين اتصور أنهما لعبا دورا مهما في توجيه تصورات المؤرخين الجغرافيين والرحالة والفقاء وعلماء الكلام والفلاسفة والبحارة والتجارب والأدباء وعلماء اللغة وغيرهم من الفاعلين في الثقافة العربية خلال العصور الوسطى ممن اسهموا في صياغة المتخيل الجماعي الخاص بالآخر وغيره: الأولى هي مرجعية التاريخ وحاولت هنا أن أعيد تركيب نمط العلاقة بين العرب والسودان في تاريخ العرب قبل الاسلام وفي صدره وهي علاقة صراعية في اغلبها لم يتخللها السلم والتسامح الا عند بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهجرة المسلمين الأوائل الى الحبشة وبينت أن هذه اللحظات التي عرفت ما اسميته «سردية الوفاق» بين العرب والسودان إنما كانت مخترقة بعناصر تسربت من بقايا سرديات الصراع القديم بين الاحباش والعرب في الجنوب (أي احتلال اليمن) والشمال (أي السعي لهدم الكعبة) ومع ذلك فإن هذا السياق التاريخي بسردياته الصراعية والوفاقية قد تميز بعلاقة ندية بين الطرفين فقد كان الاحباش أندادا للعرب ينتصرون عليهم حينا وينهزمون أمامهم حينا آخر كما انهم كانوا اصحاب ديانة ربطت بينهم وبين حضارة الروم برباط وثيق هذا في الوقت الذي كان فيه عرب الشمال وثنيين في أغلبهم وعرب الجنوب متهودون في جملتهم وحين جاء الاسلام اصبح العرب اصحاب دين سماوي ستكتب له الغلبة على بقية الاديان في جزيرة العرب ولم يمض ربع قرن على ظهوره حتى كانت جيوش الفتح الاسلامي تطرق ابواب العراق والشام ومصر مهددة بالزوال الجزئي أو الكلي أعظم الحضارات المعاصرة لها ومنطلقة الى ما وراءها من بلدان في الجنوب والشمال والغرب والشرق عندئذ لم يعد الاسود ندا للعربي بل شيئا فشيئا اخذ الاسود الزنجي المسترق يحل محل الأسود الحبشي الند واصبح العربي فاعلا ومفعما بقيم يراها سامية والاسود منفعلا ويفتقر الى تلك القيم السامية وفي هذه الفترة التي استرق فيها الاسود بصورة كبيرة وتم وضعه في آخر السلم الاجتماعي والطبقي في هذه الفترة ظهرت تلك المدونات والمتون والمرويات التي نشطت في تمثيل الآخر الاسود وتركيب صور انتقاصية ونمطية تحشر الاسود في دائرة الضلال والفسوق والحيوانية والتوحش.


ويتناول الفصل الثالث المعنون بـ «الاسود والتمثيل السردي» تلك المرويات الكبرى في الثقافة العربية خلال القرون الوسطى وقد وقع اختيارنا على خمس مرويات كان للأسود حضور لافت ومميز وذو دلالة فيها وهي «سيرة بني هلال» و«سيرة الأميرة ذات الهمة» و«سيرة عنترة بن شداد» و«سيرة الملك سيف بن ذي يزن» و«الف ليلة وليلة» وهي مرويات تتوافر على سمات مشتركة كثيرة فهي مرويات شعبية وشفاهية الاصل ومجهولة المؤلف وهو ما جعل منها مرتعا خصبا لحضور المتخيل الثقافي الجماعي وتمرير تمثيلاته الانتقاصية عن الآخر الاسود دون مراقبة أو مساءلة وباستثناء حالات محدودة كما هو الشأن في «سيرة الأميرة ذات الهمة» فمن النادر الحديث عن تمثيل سردي محايد وبريء ومتسامح مع الاسود وذلك حتى في المرويات السردية التي أعطت دور البطولة فيها الى رجل اسود كما في «سيرة بني هلال» و«سيرة عنترة بن شداد» وإذا كان الالتباس والغموض والتوتر هو الذي يحكم تمثيل الاسود في هذه السير الشعبية فإن النص السردي الذي كان قاسيا تجاه الاسود هو «الف ليلة وليلة» الذي جمع بين الاسود والمرأة في محور القهر والخضوع وفي غريزة الجنس البهيمية أو الشهوانية المفرطة.


وأخيرا يتناول الفصل الرابع والمعنون بـ «السود والتمثيل الشعري» جملة التمثيلات التي أنتجها الشعر العربي عن الأسود، وهي تمثيلات تظهر حجم التمثيل السلبي الفادح في خطورته، الذي مارسه الشعر العربي على الآخر الأسود. وحاولنا في هذا الفصل الكشف عن ذلك التواطؤ الدفين بين الجمالية والهيمنة، والشعر والرغبة في إخضاع الآخر وامتلاكه. وقد استعنا في هذا الفصل بمفهوم من ابتكار إدوارد سعيد وهو مفهوم «القراءة الطباقية»، وهي القراءة التي تدخل في حسابها عملية الهيمنة، وعملية مقاومة هذه الهيمنة في الوقت ذاته، أو التمثيل والتمثيل المضاد. وبهذا انتظمت القراءة في هذا الفصل في خطوتين متتاليتين: قراءة التمثيل العربي للأسود كخطوة أولى، ثم قراءة التمثيل المضاد الذي مارسه الأسود ضد التمثيل العربي كخطوة ثانية. وقد تركز اهتمامنا في القسم الأول على تمثيل الأسود في شعر ابن الرومي والمتنبي، وفي القسم الثاني على التمثيل المضاد الذي أسهم في تشكيله شعراء سودان لم تكن مقاومتهم للتمثيل الذي مورس عليهم موحدة ولا متساوية في درجة القوة والضعف. وقد تعرضنا إلى صوتين متعارضين في هذا التمثيل المضاد: صوت يمثل الأسود المستوعب داخل الثقافة العربية، وهو الأسود الخاضع لتمثيلات هذه الثقافة عنه، والساعي إلى الاندماج في هوية هذه الثقافة، ويمثل هذا النوع عنترة بن شداد، ونصيب بن رباح، وأبو دلامة. وأما الصوت الآخر فهو صوت الأسود الغاضب من تمثيلات الثقافة له، والمتمرد على عمليات التمثيل، والنافر من محاولات الاحتواء والاستيعاب والإخضاع التي يمارسها عليه التمثيل العربي. وبدلا من الرضوخ لهذا التمثيل، فإن هذا الأسود جابه تمثيله بتمثيل مضاد ينطوي على رغبة في الانتقام، ويتضمن إصرار هذا الأسود على تمثيل ذاته بذاته، وأبرز هؤلاء الشعراء هم سحيم عبد بني الحسحاس، والحيقطان، وسنيح بن رباح، وعكيم الحبشي.

عن الوطن القطرية

لتحميل الكتاب: اضغط هنا

السبت، 30 يوليو 2011

الاستشراق المضادّ وتصحيح صورة الإسلام في الغرب... شريف عكاشة

هناك سؤال كبير لابد أن يطرحه العقل المسلم في علاقته مع الغرب، وهو " كيف يقرأ الغرب الإسلام" وما هي المؤثرات التي تشكل الرؤية الغربية للإسلام، وتتناول هذه المقالة إحدى المدارس المهمة لمدرسة الاستشراق الجديد، وهي "مدرسة ما بعد الحداثة" والتي تنظر إلى الإسلام من خلال عمليات التحديث التي تتم في العالم الإسلامي، ثم ما يعرف بالاستشراق المضاد ذلك التيار الناقد للاستشراق القديم، والذي استهله "إدوارد سعيد" بكتابيه الثوريين "الثقافة والإمبريالية" و"الاستشراق" ثم ما أعقبه من تيارات منتقدة للاستشراق الجديد.
مدرسة ما بعد الحداثة
تعتبر ما بعد الحداثة ثورة في الأدب والثقافة والعلوم الإنسانية على مدرسة الحداثة بقدر ما كانت الحداثة ثورة على فكر عصر التنوير الأوروبي. 

وقد نشأت الحداثة في بداية القرن العشرين، وقامت على أساس تحدي القناعات والثوابت الفكرية والدينية التي كانت سائدة منذ عصر النهضة، باعتبارها لم تعد تتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت ظهور المجتمع الصناعي الحديث. 
وأتى تيار ما بعد الحداثة نتاجا للحرب العالمية الثانية وما أحدثته من زلزال في الوجدان الإنساني يفوق زلزال الحرب العالمية الأولى، ليعلن الثورة الشاملة على كل النظريات والأيديولوجيات السابقة، وينادي بالعودة إلى التقاليد القديمة في مجال الفن.
وفي ميدان الأدب، تميز أدب ما بعد الحداثة بالسخرية من الذات واللامعقول. وفي مجال العلوم الإنسانية والفلسفة تمثل ما بعد الحداثة إعادة تقييم جذري للفرضيات الحداثية عن اللغة والثقافة والهوية. 
نيتشه وفوكو
ورغم أن الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه كان يخاطب جمهورا من القراء في أواخر القرن التاسع عشر وعلى مشارف القرن العشرين أي قبل ظهور تيار ما بعد الحداثة، إلا أنه يعتبر رائد هذه المدرسة الشاملة في الفكر الغربي؛ نظرا لأن فلسفته تمثل تحديا للثوابت التي قامت عليها الحضارة الغربية. 
وفي كنف فلسفة نيتشه نشأت مدرسة من الاستشراق الجديد بداية من منتصف القرن الماضي، يقف على رأسها المفكر الفرنسي ميشيل فوكو، وتضم رائد الاتجاه التفكيكي في اللغة والأدب جاك دريدا. وقد تأثر فوكو تأثرا كبيرا بأراء نيتشه الإيجابية عن المشرق الإسلامي. 
وقبل الحديث عن هذه الآراء تجدر الإشارة إلى الفلسفة الاستشراقية العامة التي تنطلق منها هذه المدرسة؛ فالاستشراق عند أصحاب هذه المدرسة ليس هدفا في حد ذاته؛ حيث إن روادها ليسوا مستشرقين بالمعنى الفني للكلمة، كما أنهم ليسوا متخصصين في الدراسات الشرقية بالمعنى الأكاديمي، وإنما هم مفكرون ثائرون على بعض المظاهر السلبية في الحضارة الغربية.
وكان الشرق بالقياس إلى فوكو ونيتشه هو النقيض الذي كانا يقيسان على مرجعيته العيوب التي كانا يريانها في الحضارة الغربية؛ فلم يكن يهمهم الإجابة عن سؤال: ماذا يكون الإسلام؟ باعتبار هذه الإجابة مسعى بحثيا وفكريا في حد ذاته،ولكن باعتبارها جزءا من الإجابة عن السؤال: ما الذي لا يكونه الغرب؟ أي بعبارة موجزة كان هدفهم هو نقد الذات من خلال استدعاء الآخر. 
وقد كان سر إعجاب نيتشه بالإسلام هو أنه كان منسجما مع فلسفته التي تقوم على أن الهدف النهائي للفعل البشري، بما في ذلك محاولة الوصول إلى الحقيقة، هو إشباع نزعة الإنسان إلى السلطة وتحقيق القوة؛ لذا فإن الإسلام بالقياس إلى نيتشه هو دين الأقوياء، بينما المسيحية هي دين الضعفاء، وله مقولة شهيرة في هذا الصدد هي: "الإسلام دين الرجال بينما المسيحية هي دين النساء"([1]) ورغم ما عرف عن إلحاد نيتشه فإنه كان يؤمن بأهمية الدين في المجتمع؛ فليس المهم عنده ما إذا كان الدين صحيحا من الناحية الميتافيزيقية، ولكن المهم أن يدعم الحياة ويحافظ على النوع البشري. 
ما بعد الحداثة وإبراز المهمش
و في كتابه: "المستشرق الجديد: التمثيل ما بعد الحداثي للإسلام من فوكو إلى بودريار" يتعرض أيان ألموند إلى آراء تسعة من مفكري ما بعد الحداثة حول الإسلام من منطلق نقد الحداثة، ويستهل كتابه بفصل كامل عن نيتشه تحت عنوان "نيتشه وتصالحه مع الإسلام"، ويقول المؤلف إن نقد نيتشه لأوروبا المسيحية كان موجهًا إلى ثقافة العبودية التي أورثتها المسيحية؛ مما أدى إلى تميز الضعفاء على الأقوياء، حيث نجحوا في تحويل ضعفهم إلى فضائل، وإبراز مزايا الأقوياء على أنها رذائل. 
ولم يختلف نيتشه مع الفكر السائد في عصره عن الإسلام والذي كان يرى الإسلام نسخة معدلة من المسيحية، ولكن بينما كان يرى هذا الفكر الإسلام على أنه نسخة مشوهة كان نيتشه يراه نسخة مطورة من المسيحية، وكان يرى الإسلام باعتباره الامتداد الطبيعي لأوروبا؛ حيث إن منظومة قيمه تتفق مع منظومة القيم التي كانت سائدة في عهد الإغريق والرومان من إعلاء للذكورية وإضفاء مشروعية على الجنس وتراتبية الأدوار الاجتماعية. 
ويشير ألموند إلى أن نيتشه كان يمقت تناول الكحوليات، حيث كان يراها وسيلة للانفصال عن الواقع؛ مما ينسجم مع الثيولوجيا المسيحية التي تخدر الإنسان. 
ويقتفي ميشيل فوكو نفس خطوات نيتشه؛ إذ يرى أن الشرق- والإسلام على وجه الخصوص- هو الحلقة المفقودة بين ماضي أوروبا وحاضرها، وسبب فقدانها هو الحروب الصليبية التي قطعت هذا التواصل بين الحضارة اليونانية والرومانية والحضارات الشرقية.
ومثل نيتشه كان يبدو أن نقد فوكو للغرب يضع الشرق في موضع النقيض المثالي؛ فقد كان فوكو يمقت فردية الغرب وسطحيته، بينما كان معجبا بالروح الجماعية التي تميز الشرق وصدقه وأصالته، وفي اعتقاد فوكو فقد حرمت ثنائية العقل واللاعقل الغرب من التفكير الجمعي الذي أنتج كونفوشيوس في الصين، ونموذجه عن الدولة الفلسفية الذي يقدم تصورا للعالم وتصورا لبنية المجتمع والعلاقات فيه، وهو ما لم يصل إليه الغرب بعد.
لقد كان فوكو يرى في الشرق نقيض الغرب المفقود، ويرى أن فلسفة المستقبل يمكن أن تأتي فقط من خارج أوروبا. 
أما جاك دريدا، رائد المدرسة التفكيكية، فيقول الكاتب عنه: إن موقفه من الإسلام ليس بنفس وضوح موقف فوكو؛ حيث يتسم ببعض الضبابية، إلا إنها ضبابية تنسجم مع الرؤية شبه العدمية التي تتبناها ما بعد الحداثة في نقد الذات الأوروبية. 
وبوجه عام يرى المؤلف أن المنهج التفكيكي الذي انتهجه دريدا في فهم الإسلام يعتبر بمثابة قراءة إيجابية له؛ فدريدا يرفض التعامل مع الإسلام على أنه كيان واحد أصلي مما يمكنه من إلصاق هويات مختلفة به حسب السياق. فإذا ما احتاج أن يقول شيئا عن القربان في الديانات التوحيدية، فإن الإسلام هو النموذج الأمثل من بين الديانات الإبراهيمية.  وإذا كان الموضوع هو الاستخدام الديني للتكنولوجيا، فإن الإرهاب الإسلامي يمكن أن يمده بقاعدة بيانات لابأس بها. 
ثم يتطرق ألموند إلى الحديث عن سلمان رشدي ونظريته عن الإسلام الصحيح والإسلام غير الصحيح. ويفاجئنا المؤلف بأن سلمان رشدي- رغم ما قيل عن ردته- يضع الإسلام في المركز من خطابه، بينما تأتي الحداثة وما بعدها في الطرف كإستراتيجيات تعيننا على فهم المعنى الحقيقي للإسلام.
وهنا نلاحظ أن المؤلف متحيز للرؤية العلمانية "للإصلاح الإسلامي"، وهي رؤية لا تفرق بين الإسلام كمنظومة اعتقادات وشرائع ثابتة غير قابلة للتبديل، مثلها في ذلك مثل كل المنظومات المقدسة في جميع الأديان، وبين الاجتهادات الشخصية التي يؤخذ منها ويرد، وهي نفس الرؤية التي يعتنقها سلمان رشدي؛ حيث يدعو دائما- مثل غيره من العلمانيين ذوي الأصول الإسلامية- إلى اعتبار النص القرآني مجرد حدث في سياق التاريخ، وليس سلطة غيبية فوق التاريخ. 
وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى تحليل كتابات الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي المعاصر جان بودريار عن الإسلام. ورغم هجاء بودريار للعرب والإيرانيين من أصحاب الفكر المتطرف فإنه يعرف الإسلام بأنه "المعقل الأخير للمقاومة ضد نظام عالمي أحادي الجانب على نحو متزايد". 
ومن المعروف أن بودريار قد عارض بشدة تفسير هجمات الحادي عشر من سبتمبر في ضوء نظرية صدام الحضارات، واعتبرها بودريار رد فعل للتوسع السياسي والتكنولوجي في العولمة الرأسمالية، وليس بسبب عداء متأصل نحو الغرب. 
وينتهي ألموند إلى أن القاسم المشترك بين هذه النخبة من مفكري ما بعد الحداثة- فيما يتعلق بموقفهم من الإسلام- هو إبراز المهمش أي الإسلام بإزاء الغرب، بعكس طائفة أخرى من مفكري ما بعد الحداثة من أمثال بورجز وبارث كانوا يرون في الإسلام مجرد أداة في يد الغرب لتنفيذ أهداف العولمة. 
وبرغم التحفظات على التوجه العلماني للمؤلف في فهم الإسلام فإن الكتاب في مجمله يمكن تصنيفه ضمن أدبيات المعسكر الإيجابي في خطاب الاستشراق الجديد؛ إذ ليس بوسعنا أن نطلب من باحث غربي يكتب عن الإسلام أن يكون إسلاميا أكثر من المسلمين أنفسهم.
مدارس الاستشراق المضاد
يقصد بالاستشراق المضاد ذلك التيار الناقد للاستشراق القديم، والذي استهله "إدوارد سعيد" بكتابيه الثوريين "الثقافة والإمبريالية" و"الاستشراق" ثم ما أعقبه من تيارات منتقدة للاستشراق الجديد؛ وفي هذه المدرسة نجد نوعين من الكتابات، هما:
•   كتابات المفكرين ذوي الأصول الشرقية مثل إدوارد سعيد وشهيد علام، الذين قاموا بتفكيك الخطاب الاستشراقي وتفنيده من منطلق الدفاع عن هويتهم الشرقية ضد تحيز الفكر الأوروبي.
•        وكتابات المفكرين الغربيين الذين ساروا على نفس النهج، ولكن من منطلق نقد الذات. 
ذوو الأصول الشرقية
لقد تصدى إدوارد سعيد لنقد الخطاب الاستشراقي القديم والجديد معا. وبالطبع لا يمكن القول إن سعيد قد غطى كل جوانب الاستشراق وألم بكل تخصصاته ودروبه، ولكنه تناول بالنقد ما يتصل منه بتخصصه الأكاديمي، وهو النقد الأدبي والثقافي.
ويمكن القول إن اهتمام سعيد قد انصب على ما يمكن أن نسميه "الاستشراق السردي" سواء ما كان منه في شكل نصوص أدبية قديمة وحديثة أو أعمال نقدية أو سرديات سياسية مثل خطب الساسة الأوروبيين وآرائهم وخواطرهم عن الشرق إبان الحقبة الاستعمارية. 
ويعترف سعيد بأنه قد انتهج نهجا نصيا في دراسته للاستشراق؛ نظرا لإيمانه بما للسرد من قدرة على التأثير في العقول والسيطرة عليها. كما كان إدوارد سعيد من أشد المنتقدين لبرنارد لويس ومدرسته واتهمه بعدم الموضوعية والدعائية، وهو الرأي الذي كان يؤيده فيه المنظر اللغوي والمفكر السياسي نعوم تشومسكي. 
وفي عام 2001 كتب إدوارد سعيد مقالا في مجلة الأمة بعنوان "صدام الجهل" يرد فيه على صموئيل هنتجتون ويفند آراءه متهمًا إياه بالجهل بطبيعة الحضارات التي يتنبأ بحدوث صدام بينها، ويقول إن كل ثقافة تنطوي على ديناميات وثقافات فرعية مما لا قِبل بـ"لويس" و"هنتنجتون" بالإحاطة به، وأنه من قبيل الجهل والديماجوجية أن يدعي إنسان أنه يستطيع أن يتكلم نيابة عن ثقافة بأسرها. وبدلا من ذلك يدعو سعيد إلى البعد عن مثل هذه التعميمات الفضفاضة التي لا تفيد في معرفة الذات وفهم الترابط المعقد بين الثقافات الذي يتميز به عالم اليوم. 
وعلى صعيد النقد الأدبي قدم سعيد في أعقاب 11 سبتمبر قراءة لرواية "موبي ديك" التي كتبها الروائي الأمريكي هيرمان ميلفايل عام 1851م ، يربط فيها بين أحداث الرواية وشخصياتها وبين النزعة الأمريكية للسيطرة على العالم. 
وتحكي رواية موبي ديك قصة الكابتن "أهاب" الذي كان قبطانًا للسفينة "بيجودا" في رحلة لاصطياد الحوت "موبي ديك" انتقامًا منه بسبب الحوادث الدامية التي تسبب فيها للبحارة والسفن، حيث كان "أهاب" مصرًّا على تحقيق هدفه والنيل من الحوت. 
وفي الرواية شخصيتان من أصول شرقية هما شخصية "فدالله" و"إسماعيل"، وكلاهما يتنازعان "أهاب" ما بين مؤيد للرحلة ومعارض لها، وقد كان "فدالله" حريصا على تحفيز أهاب على مواصلة مسعاه، بينما كان إسماعيل يحاول أن يثنيه عن ذلك ويحذره من العواقب.
وفي النهاية يصل "أهاب" إلى مراده، لكن الحوت يقتله. ويرمز إصرار "أهاب" على مواصلة رحلة اصطياد الحوت "موبي ديك" في رأي سعيد إلى إصرار أمريكا على إعادة تشكيل العالم وفرض قيم الديمقراطية عليه([2]) بينما يرمز "فدالله" و"إسماعيل" إلى الشرق بشقيه الموالي للطموح الأمريكي والمنشق عنه.
 شاهد عالم 
ومن بين الذين تحدوا مدارس الاستشراق الجديد في إطار النوع الأول المشار إليه من كتابات الاستشراق المضاد هو عالم الاقتصاد الأمريكي -باكستاني الأصل- شاهد عالم، الذي يعمل حاليا أستاذا للاقتصاد بجامعة نورث إيسترن الأمريكية.
ويتصدى عالم لتفنيد مزاعم الاستشراق الجديد من منظور سياسي واقتصادي بحت. ويرى أن أيديولوجية صراع الحضارات متعددة المستويات؛ فهي في المقام الأول تسعى إلى أن توضح للأمريكيين وللعالم بأسره لماذا يتعين على الولايات المتحدة والعالم كله أن يشنوا هذه الحرب ضد الإرهاب.
وثانيا: فإن فرضية صراع الحضارات التي طالما روج لها مفكرون صهاينة داخل وخارج إسرائيل تعتبر وسيلة "لأمركة" الحرب التي شنتها إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب، أي نقلها إلى المعسكر الأمريكي.
وثالثا: تعد الحرب على الإرهاب قناعا تستخدمه الولايات المتحدة لإحكام قبضتها على العالم.
وفي رأي عالم فقد استغلت الإدارة الأمريكية هذه النظرية لصرف الأنظار عن مسؤولية الولايات المتحدة عن هجمات 11 سبتمبر نتيجة سياساتها الخاطئة في الشرق الأوسط والمتمثلة في دعم الأنظمة الدكتاتورية والفاسدة في الشرق الأوسط، والتأييد غير المشروط للعدوان الإسرائيلي والحرب والعقوبات الفادحة ضد العراق منذ عام 1990.
 ويطرح عالم التساؤلات التالية: إذا كان العداء للقيم الأمريكية المتمثلة في الحرية والديمقراطية والمساواة-هو الدافع وراء قيام المسلمين بمهاجمة أمريكا، فلماذا انتظر هؤلاء المسلمون مائتي عام ليشنوا مثل هذه الهجمات؟ ولماذا أمريكا بالذات، فقيم الحرية ليست حكرا على أمريكا، فلِمَ إذًا لم يختر العرب هدفا أيسر وأقرب مثل أي دولة أوروبية مثلا؟ وإذا كان المسلمون يبغضون الحرية الأمريكية إلى هذا الحد فلماذا اندفع الشباب المسلم من كل حدب وصوب في العالم الإسلامي إلى أفغانستان لمقاتلة السوفييت أرباب النظم الشمولية؟. 
وفي أحدث كتاب له بعنوان "في مواجهة الاستشراق الجديد" يضع عالم أحداث 11 سبتمبر في سياق دينامية التفاعلات السياسية-الاقتصادية بين الغرب ودول الهامش بصفة عامة والمجتمعات الإسلامية بصفة خاصة، وليس في سياق أية ادعاءات ثقافية أو أيديولوجية عن ميول هذه المجتمعات إلى العنف([3]).
ويرى عالم أن جذور الصراع تعود إلى حقائق واقعية تتمثل في طغيان النزعة الإمبريالية وعدم التوازن الفادح في النظام الاقتصادي؛ مما يؤدي إلى تقوية الاقتصاد الرأسمالي لدول القلب على حساب دول الهامش.
الاستشراق الغربي المضاد
يتمثل النوع الثاني من كتابات الاستشراق المضاد في تلك الصادرة عن مفكرين غربيين معاصرين من غير ذوي الأصول الشرقية. ولقد انصب نقد أصحاب هذه الكتابات على الخطاب الاستشراقي والسياسات المتأثرة به والمكرسة له بدافع نقد الذات الغربية وردها إلى جادة الموضوعية. 
وقد هاجمت هذه الحفنة من الكتاب الفكرة التأصيلية في حضارة الغرب القائلة بتفوق الرجل الأبيض من حيث اللون والعرق ومن حيث امتلاكه أدوات الحضارة؛ مما أدى إلى حصر مفهوم الحضارة في الحضارة الغربية فقط، واعتبار مقياس التحضر هو مقدار السير نحو إدراك المفهوم الغربي للحضارة كما لو كان مفهوما عالميا. 
ووفقا لهذه الرؤية الناقدة للذات فإن القيم العالمية التي تحاول الحضارة الغربية فرضها على الثقافات الأخرى هي في واقع الأمر قيم شديدة الخصوصية، وبهذا تكون أوروبا قد أضفت الشرعية على عدم المساواة بين البشر بناء على هذه الأفكار العنصرية التي تعتبر الإنسان الغربي هو صانع التاريخ، بينما الشرقي هو مجرد مشاهد سلبي لأحداثه. 
ومن أهم النقاد المعاصرين للفكر الغربي المتعصب ضد الحضارات الأخرى الناقد الإنجليزي "تيري إيجلتون" والمفكر اللغوي والسياسي البارز "نعوم تشومسكي". 
ويقول إيجلتون في كتابه "فكرة الثقافة" والذي صدرت أحدث طبعة له عام 2006: إن فكرة الثقافة نفسها هي فكرة عنصرية حيث لم يظهر مصطلح الثقافة-بالمعنى الأنثروبولوجي- في اللغات الأوروبية إلا في بداية القرن التاسع عشر. 
ويلاحظ إيجلتون أن مصطلح الثقافة يستخدم غالبا بهذا المعنى مقترنا بشعوب العالم الثالث؛ إذ كثيرا ما نسمع عبارات مثل "الثقافة العربية" و"ثقافات العالم الثالث" ولكن قلما نسمع عن "الثقافة الأمريكية" أو "الثقافة الأوروبية" بهذا المعنى الأنثروبولوجي([4]).
 وقد صدر لإيجلتون كتاب في أعقاب أحداث 11 سبتمبر بعنوان: "الإرهاب المقدس" يقول فيه إن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه إلا إذا تم فهم كل تعقيداته أولا: "إن الاعتقاد الفعلي بأن عدوك لا عقل له، بخلاف التظاهر بمثل هذا الاعتقاد لأسباب دعائية، كفيل بألا يجعلك تنتصر عليه أبدا، فلا يمكنك أن تنزل الهزيمة بخصمك إلا إذا فهمت الطريقة التي يرى بها الأشياء"، وهو بذلك ينتقد الديماجوجية التعبوية التي تسبب فيها خطاب المدرسة الثقافية؛ ولذا فقد لاقى كتابه هجوما شديدا من أنصار هذه المدرسة وصل إلى درجة اتهامه بالخيانة.
أما نعوم تشومسكي فقد ألقى عدة محاضرات في أعقاب أحداث سبتمبر يفند فيها خطاب مدرسة لويس وهنتنجتون، ويعارض قرار الإدارة الأمريكية بغزو العراق. وقد جمع هذه المحاضرات بعد ذلك في كتاب بعنوان "القوة والإرهاب" ضمنه عددا من التحليلات ودراسات الحالة والمقارنات التاريخية التي يدلل بها على خطأ قرار الإدارة الأمريكية، إلا أن دعوته لم تنل آذانا واعية من هذه الإدارة أو النخب الفكرية والأكاديمية في الولايات المتحدة التي كان يؤيد معظمها قرار الغزو.
 ومن العبارات الشهيرة التي جاءت في محاضرات تشومسكي: "إنه لا يمكننا أن نخاطب إرهاب الضعفاء ضد الأقوياء إلا إذا قمنا كذلك بمواجهة إرهاب الأقوياء الأكثر تطرفا ضد الضعفاء، رغم أن التوقيت قد لا يكون مواتيا للحديث عنه الآن". 
الكتابات المشتركة
ثمة نوع ثالث من الكتابات يجمع بين النوعين السابقين من كتابات مدرسة الاستشراق المضاد؛ ففي عام 2007 صدرت دراسة مشتركة بين جون إل إسبوستيو أستاذ الأديان والشؤون الدولية بجامعة جورج تاون وداليا مجاهد المدير التنفيذي لمركز "جالوب" للدراسات الإسلامية بعنوان "من يتكلم باسم الإسلام؟"([5]) وهي دراسة جديدة من نوعها تحاول تصحيح الصورة الشائهة التي رسمها الإعلام السياسي الغربي وصدرها للإنسان الغربي.
ويتبع الكتاب منهجا إمبريقيا يعتمد على جمع البيانات في شكل استبيانات تحتوي على أسئلة لمجيبين في العالم الإسلامي لمعرفة رأيهم تجاه القضايا الأساسية التي تؤرق الغرب من حيث علاقته بالإسلام مثل: قضايا الديمقراطية والموقف من الإرهاب، واستبيانات أخرى موجهة لمجيبين أمريكيين لمعرفة توجهاتهم نحو الإسلام ومدى تأثرها بالصورة التي ترسمها أجهزة الإعلام عن العالم الإسلامي.
ومن خلال التحليل الإحصائي للبيانات تخلص الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من الأمريكيين إما لديهم انطباع سلبي عن الإسلام وإما لا يعرفون شيئا عنه البتة.
أما عن المسلمين الذين شملتهم الدراسة فقد أظهر الغالبية العظمى منهم رغبة في إقامة حوار حضاري مع الغرب، ولكن الغالبية أيضا أبدوا استياءهم من سياسة المعايير المزدوجة والكيل بأكثر من مكيال من جانب السياسة الغربية نحو الإسلام وخاصة فيما يتعلق بالموقف الغربي من الديمقراطية في العالم الإسلامي؛ إذ بينما يدعو الغرب إلى تطبيق قيم الديمقراطية والحداثة في الشرق فإنه يؤيد الأنظمة الديكتاتورية والثيوقراطية التي تدعم مصالحه.
 وتستشهد الدراسة هنا بمقولة كينيث روث: "إن أمريكا تدافع عن الديمقراطية حيثما أعجبتها النتائج". 

 [1]Jackson, Roy.2006.Nietzsche and Islam.Routledge Publishing,Milton Park,UK.p65
 [2]
Jean-Franc¸ois Leroux:Wars for Oil: Moby-Dick,Orientalism, and Cold-War Criticism, Canadian Review of American Studies/Revue canadienne d’e´tudes ame´ricaines 39, no. 4, 2009
[3]
Challenging the New Orientalism: Dissenting Essays on the 'War Against Islam' " :: Book Review :by Nina Gera (Friday, October 31, 2008),Monitors Network. 
 [4]
Eagleton, Terry.2006.the idea of culture.Blackwell Publishing,Malden,USA
 [5]
John L.Espostio and Daila Mogahed,Who speaks for Islam? what a billion Muslims really think,Gallup Press.2007,P.5-15

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More