قالب بلوجر اخباري احترافي

قالب ستايلد إلمنت و قالب اخباري احترافي بامتياز ويدعم أدسنس بقوة

قالب أسود للصور والفيديوهات

قالب أسود للصور والفيديوهات أحترافي ويدعم أدسنس

المفضلات الاجتماعية المتحركة مع الصفحة

اضافة يبحث عنها الكثير من المدونين وهي عبارة عن كود هشتمل جافاسكريبت بسيط

قالب بلوجر بلاك موشن أسود يدعم أدسنس

قالب بلوجر رائع أسود وبه هيدر بانر وعمودين جانبين أنصحكم بالقاء نظرة عليه ولن تندموا

This is default featured post 5 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.This theme is Bloggerized by Lasantha Bandara - Premiumbloggertemplates.com.

الاثنين، 15 أغسطس 2011

الأحد، 14 أغسطس 2011

قاموس المصطلحات الصوفية: دراسه تراثية مع شرح اصطلاحات اهل الصفاء من كلام خاتم الاولياء... أيمن حمدي


أيمن حمدي، قاموس المصطلحات الصوفيّة، دار قباء للطباعة والنشر، 1905.



لتحميل الكتاب: اضغط هنا

أزمنة الحداثة الفائقة: الإصلاح، الإرهاب، الشراكة ... عليّ حرب

يدور الكتاب حول سؤال يشغل المؤلف: كيف نفكر ونعمل عربا وبشرا في أزمنة الحداثة الجديدة وتحولاتها المتسارعة؟ وكيف نتوجه وبأي شكل نتغير للخروج من النفق الذي تقودنا إليه دعواتنا المستحيلة ومشاريعنا المدمرة وإستراتيجياتنا القاتلة؟

مقدمات التغيير وأزماته
تسيطر على المشهد العالمي حالة من التردد والتخبط بل التورط والتواطؤ، هذه حال الأكثرين، خاصة أصحاب العقول الإستراتيجية، ممن ينتدبون أنفسهم لقيادة العالم والسيطرة عليه، وهذه هي الحال بنوع أخص، لدى أصحاب المشاريع الأصولية، ممن يدعون امتلاك الحلول لإنقاذ البشر وإصلاح الأمم.
وإذا كانت الحال على هذا النحو من التأزم والتوتر على المسرح الكوني، فالوضع في العالم العربي هو الأكثر اضطرابا وتأزما، وربما يتجاوز ذلك نحو التردي والانحدار.

وما يحدث ليس قدرا قاهرا لا فكاك منه، فمن يفكر بحرية واستقلالية، ويحسن الاشتغال على معطيات وجوده، فهما وعقلنة أو عملا وبرمجة يملك القدرة على الزحزحة والإحالة أو على الصرف والتحويل، أيا كانت الظروف والأقدار.
وهذا هو التحدي فيما يتغير نظام العالم ومجرى الأشياء: تغير طريقة التعامل وإستراتيجية التدخل، بالكف عن لغة الاتهام والاستعداء وكسر منطق الانعزال والانكفاء للتعاطي مع الأفكار والهويات بلغة المبادرة والاجتراع، أو بمنطق الخلق والتحول، بحيث نثبت جدارتنا بالانتماء إلى زمننا والاندراج في حاضرنا، لكي نساهم في تغيير الألم وإدارة قضاياه، بابتكار صيغ جديدة لحياتنا وروابطنا داخل كل بلد عربي، وتشكل قواعد جديدة للعمل العربي المشترك، فضلا عن الانخراط في المناقشات العالمية، للمساهمة البناءة في بلورة قيم جديدة للشراكة البشرية التي أصبحت كوكبية ما دامت المخاطر التي تتهدد البشر تتهدد أيضا الحياة والبيئة والأرض.اليوم تبدو قضية الإصلاح الشغل الشاغل في العالم العربي، خاصة بعد إثارتها من جانب الولايات المتحدة الأميركية، وكلها في النهاية عناوين يستدعي بعضها البعض، بقدر ما تتفاعل الأحداث أو تتغير الموازين، أو تتبدل الأدوار والتحالفات، أو تتصادم المواقف وتتصارع الإستراتيجيات، حول المصالح والمواقع أو حول الأفكار والمقاصدثمة سبب آخر يتعلق بالسياق العالمي، ومفاده ما تخضع له المجتمعات المعاصرة في أوضاعها الراهنة، وفي الغرب بالذات، من انهيارات وتحولات تضع على محك النقد والمراجعة كل العناوين والقيم الحديثة التي شكلت أطر النظر ومحركات العمل، لدى حملة المشاريع وأصحاب الدعوات، كالعلمانية والعقلانية والاستنارة والتقدم والنزعة الإنسانية.هنا أيضا يخشى أن تكون الشعارات قد فقدت جاذبيتها على يد حملتها الذين فقدوا المصداقية والمشروعية في ضوء ما لاقته المشاريع من المصائر البائسة على أرض الواقع المعيش.ثمة من يرفض الإصلاح لأن أميركا تطالب به، أو لأنه يعتبر أن الإصلاح لا يتحقق أصلا من الخارج، وفي المقابل ثمة من يرى أن في الإصلاح المطلب المرجأ الذي لا قيامة للعرب من دونه وفي أي حال، فإن القضية فرضت نفسها في سوق التداول ولم يعد يجدي تجاهلها، وهذا هو الرهان: أن نتغير لنسهم في تغيير سوانا، أو في تحويل واقعنا، بقدر ما ننجح في تغذية العناوين المطروحة وتحويل المفاهيم السائدة في ضوء التحديات والمستجدات.
الإصلاح ورهاناته
لعل ما يفسر إخفاق مشاريع التغيير هو ادعاء حملتها أنهم هم الذين يقودون ويغيرون بقدر ما يفكرون عن سواهم، الأجدى هو كسر منطق الوصاية، فمحاولات التغيير، والإصلاح السياسي، أو التنمية الاقتصادية، تتطلب النظر إلى الناس بوصفهم شركاء أو وسطاء بقدر ما هم منتجون أو فاعلون، فإن أكثر من ينتهك المعنى والمثال هم الدعاة، بتشبيحاتهم المعرفية والخلقية، وبالعكس، فالعناوين والقضايا يمكن أن تتغذى من حيث لا نحتسب، أي من الهوامش المستبعدة أو العولمة السلفية، أو المناطق المجهولة.
ولا عجب، فالتهمش يعني أن صاحبه لا يستخدم عقله، أو لا يحسن استغلال طاقاته، أي هو رصيد رمزي أو مادي ينتظر من يشتغل عليه لصرفه واستثماره، فالحداثة لا تتحقق كما يحلم بها الذين ينتظرون حصول المعجزة، والذين يتعاطون مع القضايا بعقلية فردوسية، بقدر ما تستحوذ عليهم أطياف الحداثة الطوباوية وتهويماتها الأيديولوجية.
إن العالم لم يعد كما كان عليه بقواه وموارده وأدواته وأنظمته وعلاقاته وأفكاره، وإنما يعاد تجميعه وتركيبه على نحو جديد ومغاير، وبصورة لا سابق لها، مخالفة لكل التوقعات، كل ذلك بفعل الثورة التقنية والقنبلة الإعلامية والاقتصاد المعرفي والمشهد الميديائي، وسواها من وقائع العصر وفتوحاته، الأمر الذي يجعل البشرية تنخرط في موجة جديدة من موجات الحداثة، بقدر ما يتشكل مجتمع جديد ونظام للحياة والعمل جديد. 
مثل هذا الفهم لعملية التغيير يقتضي كسر ثنائية المعرفة العلمية والمعرفة العامة، بحيث يعامل العاملون خارج قطاعات الإنتاج العلمي والثقافي، لا بوصفهم أصحاب خبرة، وذوي معرفة في مجالات اختصاصهم.
وما يفيدونه من المعارف الأكاديمية والنظريات العلمية يقومون باستثماره وتحويله إلى خبرات حية ومعيشة يمكن للمعرفة العلمية أن تنفتح عليها وتتغذى منها وتتفاعل معها, وهذا شأن المجتمع التداولي، فهو ليس مجتمعا نخبويا، وإنما هو مساحة لتبادل المعلومات والخبرات.
بهذا المعنى لا جدوى من التعامل مع العولمة، مثلا بوصفها مجرد نشاط اقتصادي أو إستراتيجية للهيمنة، بل هي ظاهرة مركبة وصيرورة متحولة، يمكن مقاربتها على غير مستوى وبأكثر من منهج وذلك بقدر ما يتداخل فيها أكثر من عنصر أو يشتغل أكثر من منطق.
المشهد العالمي وتحولاته
إذا كانت المجتمعات البشرية تواجه تحولات متسارعة تزداد معها المشكلات والأزمات، فمعنى ذلك أن إدارة العالم تحتاج إلى عقليات جديدة وإلى طريقة جديدة في التفكير، من قواعدها:
  1. من يحسن أن يتغير بفكره عما هو عليه هو القادر على مواجهة المتغيرات بصورة فعالة ومثمرة.

  2. الحلول لا تقوم على نفي الواقع والأعمال إنما هي عملية متواصلة من إعادة الصنع والبناء تحليليا وتركيبيا أو خلقا وتحويلا، بحيث يجري توظيف المكتسبات بقدر ما يجري كشف العوائق التي تولد العجز والأزمات من أجل اجتراح البدائل والمخارج.

  3. فهم الحاضر مفتاح لتدبير الواقع وصناعة الحياة، عبر نظام من الوصل والفصل لا ينفك يتجدد باستثمار التراث من أجل الإعداد للمستقبل ومداهماته، ومن لا يحسن فهم حاضره لا يحسن توظيف الماضي من أجل الإعداد للآتي.

  4. الأزمة الشاملة تحتاج إلى معالجات عالمية تقوم على الشراكة والمداولة، بقدر ما تعني إعادة النظر بالمشترك البشري من القيم لتجديد مصادر المشروعية وعناوين الوجود.


والإصلاح ليس عمل فرد منقذ يفكر عن الناس أو يقرر عنهم، وإنما هو عمل للفرد الذي يفكر ويعمل كمنتج وفاعل أو كخالق قادر أو كمنخرط ومشارك، وعلى النحو الذي يتيح له أن يصوغ مطالبه ويدير قضاياه أو يحسن شرطه ويوسع هامشه، أو يصنع حقيقته ويؤثر في مجتمعه، بما يخلقه في مجال من المجالات، ليس وحده بالطبع بل بمشاركته وتفاعله مع من سواه في خلق التوسطات والشبكات والآليات واللغات التي تسهم في بناء الفضاءات المشتركة وصوغ القيم الجامعة، في وقت تتخذ فيه المشكلات المحلية والإقليمية طابعها الكوكبي وتزداد الخبرات المشتركة بين الناس.
إن ما نحتاج إليه عربا وبشرا، هو أن نصنع صورة جديدة لأنفسنا، بأن نفكر بطريقة مختلفة وأن نعمل بخلقية مغايرة وأن نتمرس بعقل جديد من مفرداته: التعدد والتنوع، التواصل والتبادل، التركيب والتجاوز، الخلق والتحول، سياسة الاعتراف المتبادل، الفضاء المفتوح والوحدات المركبة، الإستراتيجيات المتحركة والقوة الهادئة.
فالغرب قياسا علينا هو أفضل من حيث علاقته بالقيم أو هو أقل انتهاكا لها، فالأصوليات على اختلاف نسخها تقدم نفسها بوصفها الدواء والعلاج، فيما هي الداء والآفة، وهذا شأن الأصوليات، كانت دينية اصطفائية أم قومية عصرية، مآلها إلحاق الدمار بالذات قبل الغير عاجلا أم آجلا، وهذا ما تفعله بشكل خاص الأصوليتان الإسلامية واليهودية على مرأى من الأصولية البروتستانتية.
فإدارة العالم تحتاج من الرؤى والمفاهيم، والقيم والسياسات والإستراتيجيات التي تتوسل مفردات المفاوضة والتسوية أو التعاون والشراكة أو التبادل والتداول، نحتاج إلى تشكيل ثقافة جديدة، وإلى التمرس بعقلانية مغايرة تداولية لبناء مشروعية عالمية يدار معها الشأن الكوني بمنهجية سلمية، إيجابية بناءة، إنها سياسة فكرية أساسها عقلية الشراكة والمداولة والإحساس بالمسؤولية المتبادلة على المصائر، ومفرداتها: عقل تواصلي وفكر تركيبي، منهج تعددي ومعيار تبادلي، منظور مستقبلي وأفق كوكبي، لغة وسيطة وهوية مفتوحة وهجينة، أما ثقافة التطرف والتعصب والكره والخوف والعداء والصدام والقتل والانشداد إلى الوراء وعبادة الأسماء والأفكار، فمآلها عربيا وعالميا إلى تفخيخ العلاقات بين البشر، والانتقال من مأزق إلى سواه، ومن صدمة إلى أخرى، ومن خسارة إلى أخرى أكثر فداحة.
الأحرى أن نتعامل مع أنفسنا كمبدعين فاعلين لنا هويتنا المفتوحة المتحركة، التي نجدد بها فكرنا ونتحول عن عقولنا ونحول أنظمتنا، لكي نمارس علاقاتنا بوجودنا معرفة أو دراية أو غنى وقوة، فالهوية الغنية والقوية الراهنة هي قدرتنا على الفعل والتأثير بقدر ما هي طاقتها على أن تحول الغير والعالم بما تحققه من الاختراعات والإنجازات، أو بما تبتكره من المفاهيم والصيغ والقيم والطرائق، وحده المتفوق والمبدع يحظى باعتراف الناس ويكون محط النظر والتقدير، حتى من جانب الذين هم معه على خلاف أو خصام أو عداء خلقي أو سياسي أو ديني وعرقي، وإلا فكيف نفهم أننا نحصد المزيد من الانهيار والتراجع والإخفاق؟ ألا يعني أن ما نفكر فيه وننشغل به لا صلة له بالتفكير الحي الذي يثمر قدرة وحرية واستحقاقا وازدهارا؟ ولا عجب أن تكون الثمرة الاستبداد السياسي والعمى الأيديولوجي أو النزف الوجودي والانهيار الحضاري.
الإنسان وصوره
أن ندافع عن المبادئ والثوابت وهو ما نفعل الآن، يجعلنا أكثر محافظة من المحافظين الجدد وأكثر أصولية من أصولية بوش، والمجدي هو إخضاع عدتنا الفكرية ومهمتنا الوجودية للدرس والتحليل إن تسريحا وتفكيكا، بتغيير أنماط الرؤية ومعايير العمل.
لم تعد المسألة هي "تحقيق الإنسان لإنسانيته" أو البكاء على أطلال الإنسانية، بل العمل على نقد المركزية البشرية وتفكيكها، فالرهان هنا على إعادة النظر في المشترك البشري السائد من القيم والمبادئ أو النماذج والتماثلات، في ضوء الإخفاقات والانهيارات المتلاحقة، بحيث نسعى إلى التحرر أو التخفف من أثقال وأوهام وقيود المقدسات واليقينيات والحتميات والمركزيات وعلى نحو يتيح لنا "تجديد أشكال المصداقية والمشروعية" بقدر ما يفتح لنا فضاء جديدا لعمل بشري مشترك، نسيجه نظام من الوصل والفصل بين أمكنة العالم وأزمنته وصعده وعناصره وثقافاته ودوله، ولا ينفك يتجدد ويتغير اتساعا وغنا وتراكبا، عبر عملية متواصلة من البناء والصياغة، لاجتراح بدائل وتركيب حلول تكون أقل كلفة وتسلطا أو عنفا وخرابا أو عبثا وجنونا.
لتحميل الكتابرابط أوّل        رابط ثان         رابط ثالث

التفكير مع هابرماز ضد هابرماز... كارل آتو آبل

ينتمي الفيلسوف الألماني المعاصر «كارل أوتو آبل»، زميل الفيلسوف المعروف «يورغن هابرماز» في مدرسة فرانكفوت، إلى اتجاه فلسفي يعرف بالتداولية البراغماتية. ويوجه في كتابه «التفكير مع هابرماز ضد هابرماز» (ترجمة عمر مهيبل، بيروت، 2005)، نقداً صارماً لهابرماز ولنظريته التواصلية، إذ يستقي عنوان كتابه من مقال كتبه هابرماز في بداية خمسينيات القرن العشرين المنصرم بعنوان «التفكير مع هيدغر ضد هيدغر»، ووجه فيه نقداً لاذعاً لفيلسوف ألمانيا المعروف بلقب فيلسوف الكينونة «مارتن هيدغر».
وكان نقد هابرماز لهيدغر قد تمحور حول كونه فيلسوفاً أنطولوجياً، وصاحب إشعاع سياسي كان له تأثيره الهام على الشباب الألماني في فترة حرجة من تاريخ ألمانيا المعاصر، وهي مرحلة صعود النازية في ثلاثينيات القرن العشرين المنصرم. ويعتقد هابرماز أن هيدغر يتحمل مسؤولية أخلاقية لما حدث لليهود في تلك الفترة من الزمن، من جهة أنه كان عنوان الأنتلجنسيا الألمانية في تلك الفترة، وممارسته عقيدة الصمت حيال ما جرى في ذلك الوقت. وينهي هابرماز مقالته بالقول: «أعتقد أنه قد حان الوقت الآن لكي نفكر مع هيدغر ضد هيدغر». لكن هيدغر كما اتضح، في ما بعد، كان قد بيّن موقفه من الاتهامات التي سيقت ضده، من خلال الحوار الذي أجرته معه مجلة «دير شبيغل» عام 1966، والذي اشترط عليها عدم نشره إلا بعد وفاته، وقد احترمت المجلة المذكورة رغبة هيدغر، ونشرته بعد وفاته عام 1976.
ولا يبتعد آبل كثيراً عن هابرماز، إذ تضيق المسافة التأسيسية بينهما، من جهة انتماء كلّ منهما إلى أفق التداولية: البراغماتية والشاملة، لذلك فإن كتابه «التفكير مع هابرماز ضد هابرماز»، ليس أكثر من حوار داخلي يحاول جمع شتات المختلف حوله، وترتيب المتفق عليه بينهما، كما يشير إلى ذلك بنباهة مترجم الكتاب.

المنهل الفرنكفورني
وبالفعل فإن كلا الفيلسوفين ينهل من التغيير التداولي الألسني التأويلي الذي حدث في العصر الحديث. وبالتالي يطاول التساؤل إمكانية قيام مناقشة فلسفية تنهض على نفس موارد التفاهم الموجودة في العالم المعيش، فهابرماز يعدّ الوريث الفلسفي للنظرية النقدية الحديثة، ولم يتمكن من تجاوز السقف التأسيسي الذي دشنته مدرسة فرانكفورت الفلسفية، واعتبرت فيه الغرب نتاجاً متكاملاً، على المستوى الفلسفي والاجتماعي التاريخي، وعلى مستوى القيم والسلوك. وقد تحول هذا النتاج إلى إيديولوجيا أنتجت أنظمة فاشية وشمولية، الأمر الذي أحدث قطيعة مع الأنوار الأوروبية.
وراح هابرماز ينهل، في فلسفته، من التراث النقدي لفلاسفة فرانكفورت، ولم يتوقف من خلال ممارسته الفلسفية عن السعي إلى توصيل أفكاره الفلسفية والاجتماعية النقدية إلى مختلف المهتمين في العالم، إدراكاً منه أن الفكر النقدي لا يقصر على إقليم بعينه أو شعب، بل يخص جميع أبناء العالم. لكن هابرماز لم يتمكن، ولا ناقده آبل كذلك، من تأسيس نظرية أخلاقية سلوكية تكون عنوان علاقته مع الآخر، بل لجأ الأخير إلى المزاوجة بين التنظير الفلسفي في حالته الكانطية ومن النظرية النقدية، وبين التداولية البراغماتية بميراثها الحسي الأميركي المستند إلى تحديدات «بيرس»
و»جون ديوي» وميراثها اللغوي الألسني كما دشنه «موريس». ويجري آبل ما يشبه جردة حساب مع مفهوم المحاجة، معتبراً أن المناقشة الحجاجية ليست مجرد لعبة تنهض على اللغة، بل عماد النشاط التواصلي، بوصفه ماهية أساسية ذاتية وبينذاتية في ذات الوقت، وتنطبق على وجه الحصر على أنواع النشاط التي حددها هابرماز. وهذا الأمر يتعلق أساساً بفكر هابرماز، وبما يهدد انسجامه وحقيقة وجوده. ويأخذ على هابرماز إهماله لإعادة البناء، مع أن هذا الإهمال لن يمنعه من تمثل عام لآفاق فهم مسبق تنتظر إعادة بنائها، حيث تكمن فيها الموارد النوعية للعالم المعيش الذي لا يمكن لأي تفاهم متبادل أن يتم من دونه، وذلك وفقاً للمفهمة التي أسبغها هابرماز على هذه الآفاق في نظرية الفعل التواصلي. وهذا الأمر يتعلق بحسب هيدغر وغادامير ببنية مسبقة لحدث الكينونة في العالم التي تضم البنية السابقة لكل تفاهم متبادل، وتجعله ممكناً كذلك. ويأخذ آبل على هابرماز رفضه الدائم للزوم تأسيس نهائي، صالح بصورة قبلية، للزعم الفلسفي بصلاحة المنطوقات الشاملة التداولية، الخاصة بالفرضيات الضرورية للمناقشة الحجاجية، معتبراً ذلك مستحيلاً ولا فائدة منه. لكن مع ذلك كله فإن أهمية هابرماس تتجلى في أنه فتح الفلسفة المعاصرة على نظرية التواصل، بشكلها المتميز، ثم سار بها قدماً، كي تمس السلوك الاتصالي، سعياً منه إلى تشخيص حال العالم بشكل عام، والمجتمعات الأوروبية بشكل خاص، ومحاولاً تحليل أسباب ونتائج ما يهدد الحياة الإنسانية، وخاصة محاولات تحطيم بنيات الاتصال في خصوصياتها الإنسانية التي ترتبط بالقوى اللاعقلانية، وهي كثيرة في عالم اليوم. وشكلت اللغة هاجس هابرماز ومجال اهتمامه، فهي بالنسبة إليه وسيلة وسلوك اتصالي، واستخدمها في نظريته في الفعل التواصلي، التي تنهض على الحوار والتفاهم بين مجموعة المتحاورين في مجتمع الأصدقاء. وسعى في سياق ذلك إلى الكشف عن العقل العملي، الذي يفرض علينا ما نعمله وما نتكلمه، من خلال الاعتراف بالتفاهم والحوار السلمي، وفي ظل ظروف وشروط الاختلاف الاجتماعي والثقافي. وهدف هابرماز من ذلك كله، هو مواصلة تقاليد الأنوار، من خلال نظرية اجتماعية نقدية، تنهض على ترسيخ قيم الحرية والعدالة في الذاكرة الاجتماعية، وتربطها بقوى دولية تمكنها من تفتح نواة الخير العام، والفضاء الذي يتسع للجميع.
 
الفعل التواصلي
 غير أن آبل لا يوافق هابرماز في اعتراضه على الاختلاف المبدئي والجوهري من وجهة النظر المعرفية والمنهجية، الذي يقابل بين المنطوقات الممكنة للعلوم الاجتماعية التجريبية، كالمنطوقات الافتراضية لألسنية تشومسكي على الجوامع اللغوية والمنطوقات الكلية للفلسفة. إضافة إلى ان هابرماز اعترض على منطوقات التداولية الشاملة، واستخدم دون تحديد يذكر مبدأ قابلية الخطأ على منطوقات التداولية الفلسفية الكلية.
ويعتقد هابرماز أن بإمكانه القبول دونما حاجة إلى إقامة أساس آخر عدا التواصل في العالم المعيش، بسبب موارد التفاهم في العالم المعيش التي نلجأ إليها عندما نتجه إلى وضعها موضع تساؤل خلال مسار الأنوار. كما أنه يعتقد أننا نتوصل إلى صيغة للتأسيس التداولي البراغماتي للمبادئ الأساسية للأخلاق بمجرد إمساكنا بالشروط الضرورية لكل تواصل في العالم المعيش، وأن التأسيس النهائي للأخلاق ينبغي أن يستبدل باللجوء إلى الأخلاقية التي كانت منغرسة على الدوام في بنية النشاط التواصلي.

ويرى آبل أن السياق الخاص بمسألة التأسيس لا يتوافق مع الخط الرئيس لفكر هابرماز، بوصفه يتيح لنا رؤيته وكأنه ردّ فعل نابع من تحدّ يعود إلى غياب مخرج بالنسبة إلى تأسيس فلسفي نهائي للأخلاق. كما أن التأسيس الفلسفي، والعقلاني منه تحديداً، لمبدأ الأخلاق ينبغي أن يستبدل باللجوء إلى أخلاقية النشاط التواصلي في العالم المعيش كما تمارس في الواقع. والأهم من ذلك هو أن نظرية الفعل التواصلي ذاتها، بنواتها التداولية الشكلية وبتفريعاتها بين أنماط مختلفة من عقلانية الفعل والتفريق بين نسق وعالم معيش، تبدو أنها ليست متضمنة في الفهم والحكم الملموسين على أسباب الفعل، التي تقوم بموجبها بصياغة منطوقات تدعي الشمولية الشكلية، مع أنها تحتوي على منطوقات تعمل على توضيح العلاقة الداخلية بين الفهم الممكن لأفعال اللغة، وبين ما يفترض أن تعرفه عن شروط الإمكان القادرة على توضيح مزاعم الصلاحية لدى أفعال اللغة. إن ما يثير حفيظة آبل هو الدور الفاسد للاستدلال الزائف الجوهري الذي يرفضه بشدة، فلا يقبل بتأسيسوية طبيعوية أو بتأسيس من الأسفل للصلاحية التي ترتبط ارتباطاً ضرورياً بتقييم غير واقعي لأنماط العالم المعيش، التي تشبه التغيير المثالي.
ويعتقد هذا الفيلسوف أنه لا يمكننا أن نجد أنفسنا في وضع مأزق منطقي نعود إليه غالباً، ويتضمن استحالة تأسيس عقلاني لما ينبغي أن يكون، سواء على مستوى الأخلاق أو العقل، لأنه سبق افتراض ما يجب أن يؤسس، وبتجنبنا للمفهوم التقليدي للتأسيس، فإن التأسيس النهائي التداولي البراغماتي يكون قد ترك خلفه التأسيسوية، أي الميتافيزيقا الدغمائية المرغمة على الاستناد إلى مسلمات تصبح بمثابة بديهيات، ذلك أن التأسيس النهائي التأملي لا يستدعي إطلاقاً فرضيات ميتافيزيقية. وبما أنه ينبغي التأكيد على الافتراضات التي يمكن تجاوزها للمحاجة الفلسفية فإن التأسيس التداولي البراغماتي يتضمن من وجهة نظر العقل الانتقادات التي تسمح بكشف التدابير الميتافيزيقية الخفية، فالفلسفة النقدية حسب ما يطمح إليه آبل عاقدة العزم على متابعة الصمود بوجه الميتافيزيقا الخفية، إلا إذا قادت «بربرية التفكير»
بلغة فيكو إلى إنكفاء الثقافة الإنسانية إلى حالات بدائية. 
لتحميل الكتاب: اضغط هنا

ميتولوجيا الواقع... عبد السلام بنعبد العالي



إشكالية الكتابة والقراءة في كتاب ميتولوجيا الواقع
 إدريس شرود

منذ اطلاعي على أطروحته لنيل دكتوراه الدولة في الفلسفة(1), وأنا أترقب الإنتاج الفكري والنقدي للأستاذ بنعبد العالي. ومع صدور كتابيه ثقافة الأذن وثقافة العين 1994 وبين-بين 1996, عن دار توبقال, أحسست برغبة في كتابة مقاربة أولية لرصد انشغالاته الفكرية والنقدية. لكن أحد طلابه, نصحني بالانتظار وعدم التسرع, حتى أتمكن من عزل منهجيته في الكتابة ومعرفة المشكلات التي يقاربها والأسئلة التي يطرحها, والأجوبة التي من الممكن أن يأتي بها. ومع صدور كتابه الأخير, قررت أن أجازف بالكتابة حتى أتخلص من حمل أحسه ثقيلا…, وتكون الولادة, بداية لنقاش لم ينطلق بعد على ما أعتقد.
الكتاب الأخير للأستاذ بنعبد العالي يحمل عنوان ميتولوجيا الواقع(2), يقع في 125 صفحة من الحجم المتوسط, تتخلله مجموعة من المقالات القصيرة كما في كتابيه السالفي الذكر. يتناول فيه عدة قضايا ومشكلات ووجهات نظر, وفق طريقة خاصة في الكتابة, تميل إلى الاقتضاب والتكثيف والنفور من التحليل. وأعتقد أن هذه الطريقة في الكتابة غريبة عن ساحتنا الإبداعية, حيث يميل جل المؤلفين إلى اعتماد الكتابة النسقية. وهي تطرح صعوبات كبيرة, إذ كيف يمكن ولوج هذه النصوص التي تبدو للقارئ العادي, أنها تفتقد ذلك الخيط الرابط, وأعني به وحدة الموضوع المدروس. من بين الإشكاليات المطروحة بقوة في كتابات الأستاذ بنعبد العالي, إشكالية الكتابة والقراءة. حيث لاحظ ارتباطهما الوثيق بمفهوم الاستمرار, إذ استخدم التدوين لقهر الإتلاف الذي يلحقه الزمان, والنسيان الذي يسببه التقادم, وذلك لترسيخ المعنى وحفظه في الكلام الذي ينسخ بعضه البعض(3), في حين بقي هدف القراءة هو بلوغ ما قيل وإدراك ما تم إثباته والتدليل عليه. ضدا على النظرتين, يحاول الأستاذ بنعبد العالي خلخلة الإشكاليتين, والوقوف عند التحولات التي لحقت الكتابة والقراءة.
خصوصية الكتابة عند الأستاذ بنعبد العالي:
يتابع بنعبد العالي التأليف والكتابة وفق أسلوب مقطعي (إذا صح التصنيف). أو ما يصطلح عليه بالكتابة الشذرية (fragment) أو أسلوب النبذة (aphorisme) (نيتشه). وراء هذا الأسلوب تقليد كامل, من مارك أوريلسيو إلى بلانشو, مرورا بباسكال وجراسيان وشنفور وفاليري وغيرهم. يشير صاحب الجينيالوجيا, أن أسلوب النبذة, يشكو من بعض الصعوبة, ذلك يأتي من أن الناس لا يأخذون هذه الصيغة على محمل الجد. فالنبذة التي يكون سداها ولحمتها ما ينبغي أن يكون عليه, لا "تنحل رموزها" بمحض قراءتها. فالأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير (…), صحيح أنه ينبغي من أجل رفع القراءة إلى مرتبة تجعلها فنا من الفنون, أن يمتلك المرء تلك الملكة التي طمسها النسيان طمسا تاما(…) تلك الملكة التي تقتضي أن يكون للمرء طبيعة كطبيعة البقرة, لا أن يكون له طبيعة الإنسان الحديث, وأعني بها ملكة الاجترار…(4). ويقول الفيلسوف الروماني شيرون/Seron, إن الشذرة لا تولد أبدا من تلقاء ذاتها, إنها في غالب الأحيان خاتمة تحليل أو فكرة مكثفة توفر على القارئ عناء خطى الفكر(…) كما تعبر عن الإنسان في لا استمراريته وهشاشته(5). تتطلب هذه الكتابة باعا علميا طويلا وجهدا معرفيا كبيرا حتى تخرج إلى النور, في الوقت نفسه, تضع نصب أعينها القارئ وتخصه بالعناية التامة. كما أنها تعبر عن موقف تجاه الكتابة الميتافيزيقية الموسومة بتملك المعنى الوحيد والحقيقة المطلقة, ووقوفها عند الماهيات والاستمراريات الخالدة. فأسلوب النبذة –قبل أن يكون طريقة في الكتابة- يجسد موقفا نقديا من تاريخ الميتافيزيقا, وتقويضا للهويات الثابتة والساكنة وإظهارا للانفصالات التي تخترقنا. كما تتضمن صورة جديدة للمفكر وللفكر كما يقول جيل دولوز. والنص الشذري ليس هو النص الذي يتجزأ إلى وحدات منغلقة –كما يدعي مجموعة من النقاد والقراء- وإنما هو النص المتفتح الذي يقطن التعدد كل وحدة من وحداته(6). إن التعريف الذي يعطيه شيرون للشذرة, كفكرة مكثفة, يماثل تعريف جاك ديريدا الذي يقول إن الشذرة بؤرة كثافة اقتصادية", ويماثل أيضا عبارة نيتشه التالية: "يجب أن أقول أشياء كثيرة باختصار حتى أسمع أكثر". التكثيف/ الاختصار/ الاقتصاد, كلمات تدل على حركة الكتابة وهي تنجز مهمتها الإبداعية: "توليد الاستعارات", هذه الاستعارية التي تجعل القراءة لا تنفصل عن الكتابة, فالكتابة بهذا المعنى تقدم نفسها مقروءة مؤولة(7). وهذه الخاصية, تميز أساسا الكتابة الشعرية, إذ أن الشاعر يجتهد ويتألم ليضع يده على صورة واحدة, أو استعارة واحدة, أو مجاز واحد, أحسن من أن ينتج مجلدات بأكملها على حد تعبير الشاعر أزراباوند. ونفس الملاحظة يبديها ريلكه حيث يقول: "لكتابة بيت واحد, يجب أن نكون قد رأينا مدنا عديدة, أناسا وأشياء, يجب أن نكون قد عرفنا الحيوانات, الكيفية التي تطير بها الطيور, وحركات الأزهار الصغيرة, وهي تتفتح عند الصباح, كل مادة تم تأملها, كل اسم كبير تم الهمس به هو منطلق حلم وبيت شعري, هو حركة لسانية مبدعة".

إشكالية القراءة والكتابة: الواقع والتحول
من هذا المنظور الذي بسطته آنفا –حسب اعتقادي- يواصل الأستاذ بنعبد العالي مساءلة إشكاليتي القراءة والكتابة, في ظل المشروعية التاريخية الراهنة. وذلك وفق منهج تشخيصي, يستحضر الواقع ليقول فيما يختلف عن الماضي اختلافا جذريا. هكذا يرصد الكاتب, التحولات التي لحقت العناصر المشكلة لفضاء الكتابة والقراءة, بدءا بالتحول الذي مس مفهوم المؤلف. فإذا كان هذا الأخير حسب التعريف التقليدي يعتبر "مبدأ تجميع الخطاب ووحدة معانيه وأصلها –فوكو-", فإن بعض الكتاب حاول خلخلة هذا الوضع كمالارمي وبارث, بل أصبح الحديث عن موت المؤلف: فالذات كما يقول فوكو, ليست بالطبع مصدر الخطاب, بل إن هذا المصدر مكون من "حقل مجهول" من الممارسات. لكن هناك رأيا عاما في ساحتنا الثقافية, مازال مستمرا في تشبثه بالدور الذي يلعبه المؤلف/الكاتب كمصدر للخطاب والكتاب… . لهذا يحاول الأستاذ بنعبد العالي رفع هذا الالتباس حين يقول: "قد يكون من العبث التساؤل عن أي الشخصيات هي الأكثر مسؤولية عن "وجود" الكتاب؟ فليست حياة إحداها موتا للآخر كما قيل. هذا إضافة إلى أنها جميعها, بما فيها الناشر, لا تحيل إلى شخصية متفردة وإنما إلى شبكة معقدة من التأثيرات المتجذرة في التاريخ والمجتمع(8)". هذه الشبكة هي التي تجعل من الكتابة طاقة وقوة وظاهرة زئبقية لا يمكن مراقبتها, خاصة مع ذيوع صيت وشهرة الكاتب, حيث يصبح النشر هو الهدف الأساس. فمهما كانت الصرامة التي تعتمدها الرقابات, ومهما كان الوفاء للتعليمات, فإن أية سلطة ليس باستطاعتها أن تضبط عملية النشر. لأن هذه العملية تولد الجمهور الذي يظل منفلتا من أكثر التحديدات السياسية صرامة وذلك بالضبط لما يتمتع به من عدم تحديد(9). في خضم هذه الشبكة من العلاقات المعقدة والمنفلتة, ينبعث القارئ الذي لا يأتي من خارج "اللعبة" كما يقول الأستاذ بنعبد العالي, هذا ما يجعل مفهوم القراءة نفسه محط نظر ونقد, إذ تصبح المسؤولية ملقاة أكثر على القارئ. فلا يقرأ –حسب دريدا- ذلك الذي يمتنع عن أن يضع رغبته في النص, ذلك الذي يرفض إخصاب النص وزرعه. هذا ما يدفع بنعبد العالي إلى نقد القراءة الميتافيزيقية/المنفعلة التي هي قراءة شارحة تحاول أن تنفذ إلى أعماق النص لإدراك الحقيقة التي يحملها والتي أودعها إياه كاتبه بعد أن دارت في خلده وجالت في فكره(10). فيما يعلي من شأن القراءة الفعالة المنتجة والمحولة التي تولد النص اللامكتوب الذي لا يكون مجال الكتابة إلا علامة عليه وعرضا من أعراضه. وتلك هي القراءة التي يدعوها نيتشه قراءة "مشخصة للأعراض", لأنها, حسب ألتوسير تكشف اللامنكشف في النص الذي تقرأه فترده إلى نص آخر حاضر بغيابه الضروري في النص الأول(11).
فهل يسمح الشرط التاريخي الراهن بتطور الكتابة والقراءة؟
ملاحظة الأستاذ بنعبد العالي حول "الحياة الفكرية" عندنا, أعتبرها دقيقة جدا, وتستدعي وقفة تأملية. فهي تحيلنا إلى قضية شائكة تعاني منها هذه الحياة, وأعني بها "انحطاط الكتابة والقراءة". فهل نذكر بأن هناك إجماعا قويا حول هذه القضية من كل الأطراف؟, أم نقول إن الأمر لا يستدعي ذكر هذه البداهة, مادام أن القضية انعكاس لواقع الانحطاط نفسه؟. فهذه الحياة الفكرية, لا تسمح حتى بتبويبها حسب قضايا وإشكاليات بالمعنى الدقيق لكلمة "إشكالية", أي بنية المفاهيم والإشكالات. ذلك إننا إزاء ومضات فكرية, فكل عنوان (قضية) لا تعمر في فكرنا أكثر من سنتين لتدع للعنوان (القضية) التي ستخلفها(12). لهذا أكد مارتن هايدغر منذ مدة, على الاهتمام الكبير بالكتابة كالتزام وجودي بالأنا والآخر اللذين هما مشروعان مؤجلان وسط المعرفة, ونبه إلى أن الفكر يحتم علينا اليوم أن نصمت حتى لا تتلاشى الفكرة وتضيع في ظرف سنة واحدة. ربما لأن التأثير الناتج عن فكرة لا يتحقق إلا بعد ثلاثمائة عام. وهي "النصيحة" نفسها التي قدمها نيتشه حين قال: "يجب عليك أن تكون خفيفا جدا لكي تدفعك إرادة المعرفة فيك إلى مثل ذلك البعد إلى ما وراء عصرك تقريبا, لكي تكتسب نظرة تعانق ألفيات ولكي ترى بها السماء صافية".

رهانات الكتابة والقراءة عند الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي:
أقصد بالرهان مجموع الممارسات التاريخية التي يمكن أن تفتح عملية الكتابة والقراءة على أفق أرحب من التفكير وإعادة النظر في كل أشكال الإنتاج الإبداعي والنقدي. فالرهان, الآن, هو تحطيم البديهيات والأفكار الكونية, والكشف ضمن عطالات الحاضر وإكراهاته, عن نقط الضعف, والمنافذ, وخطوط القوة. فعلى الكتابة أن تشكل اختيارا ونوعا من حجر الزاوية, كما يقول فوكو, لإخراج حركات الفكر إلى النور. وعلى القراءة أن تصير متشككة, تتهم المباشر وترفض البداهات, وتولد الاستعارات, هذه هي القراءة التي يدعوها بنعبد العالي بالقراءة الفعالة.
من هذا المنظور يتطلع الكاتب إلى كسب الرهان, عن طريق توضيح المهمات التي يجب أن تضطلع بها الكتابة والقراءة:
ـ رفع ضغط الكتابة: هو الرهان الأول للأستاذ بنعبد العالي, إذ حسب اعتقاده, ينبغي أن تكون الكتابة وليدة استنكار ورفض, أو بالأحرى, ينبغي أن تجسد هي نفسها انفجارا وتوترا بحيث يغدو نسيج العبارة التنافر والتأزم, ولا يمكن أن يتحقق هذا بطبيعة الحال, إلا إذا كانت الكتابة وليدة وعي شقي لا يرتاح إلى ما هو كائن, وإنما يسعى إلى أن يرفعه نحو ما ينبغي أن يكون(13). إنها كتابة،  كما يقول الكاتب، شقية, لا من شدة استنكارها ونفيها, بل لقدرتها على الإثبات, إثبات الواقع "بما فيه من نعوت متناقضة" على حد تعبير نيتشه(14).
ـ القراءة: اللعب بالنص: هو الرهان الثاني للكاتب, إذ يؤكد على أن النص عمل وإنتاج وممارسة, وهذا يعني أنه يتطلب من القارئ مساهمة فعالة, فيقضي بذلك على المسافة التي تفصل الكتابة عن القراءة. إن النص يستدعي قارئا يلعب بالنص, بجميع المعاني التي تعنيها تلك الكلمة في اللغة الفرنسيةjouer(15).
ـ نظرة جديدة للثنائي مبدع/ناقد: على غرار عملية التفكيك التي لحقت الثنائي مؤلف/مترجم, والتي أعادت الاعتبار للمترجم, جاعلة منه مؤلفا, وجاعلة من المؤلف مترجما. يشير بنعبد العالي, في رهانه الثالث, إلى أن النقد, لم يعد ينظر إليه على أنه عمل ثانوي يأتي ثانية بعد عمل أول أولي, إنه ليس تنظيرا ثم تنظيرا للتنظير, بل هو في جوهره نقد(…), فالنقد اليوم ليس جانبا أو مرحلة أو وجها من وجوه الفكر المعاصر, وإنما هو جوهره وروحه(16).
إن إشكالية القراءة والكتابة عند الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي, تدفع القارئ إلى الذهاب أبعد من انتظار أجوبة شافية عن الإشكاليتين. فالأمر يتعلق بمساءلة عملية التفكير,أي معنى أن نفكر هنا والآن؟.
لا أخفي الصعوبة التي تطرحها ممارسة الكتابة وفق أسلوب النبذة (الشذرة), نفس الصعوبة يواجهها القارئ وهو أمام كم من النصوص المتعددة المضامين والمرجعيات. أعتقد أن هذه الصعوبة التي يواجهها الكاتب والقارئ هي الرهان الأقوى للأستاذ بنعبد العالي؛ فتفاؤل الفكر –كما يقول فوكو- هو أن يعرف بألا وجود لعصر ذهبي, وأن تفكر معناه أن تتبع دوما خطا سحريا (دولوز/كاتاري), معناه أن تحدث شقا في المظلة, أن تخرق السماء ليمر قليل من السديم الحر والمنطلق, أن تحدث خروقا وتجري التدميرات الضرورية (لورانس), معناه, أن يرتفع ضغط الكتابة, ويصبح وليد وعي شقي لا يرتاح إلى ما هو كائن, كتابة –كما يقول الأستاذ بنعبد العالي- متوترة حقا صادرة عن "علم مرح" ومعرفة إيجابية مثبتة, متجاوزة بذلك كل الكتابات الهادئة, الباردة, المنخفضة التوتر (الكتاباتذات النفحة الأخلاقية + الكتابات الوصفية التقريرية "الموضوعية"). فمهمة الكتابة والقراءة, هي تحرير الحياة من كل الأفكار المسبقة والمحنطة التي تخنقها, وتحقيق الانفلاتات الممكنة بهدف إبداع فكر جديد وحياة جديدة. ولا يعني الإبداع هنا خلق "التواصل" مع الجمهور أو بث الوعي أو تعييره, بل الصمود ما أمكننا. لكل هذا, على الكتابة أن تصبح فنا من الفنون, فالفن كما يقول ادمونت وايت ليس وعدا بالنعيم, ولا تأملا غير مهتم, بل الأمر يتعلق بمدى استطاعتنا أن نترك الأحجار وراءنا فيما نتوغل في عتمة الغابة. إنها الهجرة والترحال والتيه والانفصال, سمات الكائن الغني بالوفرة والحيوية الذي يستطيع رؤية ما هو مريع وإشكالي, لكن كذلك أن يقوم بعمل مريع وأن ينكب على ترف الهدم والتفكيك والنفي (نيتشه).
إنه الدرس النيتشوي بامتياز, نستطيع أن نتمثله بواسطة "هبة ريح" تدفعها كتابات الأستاذ عبد السلام بنعبد العالي في اتجاهنا:
أن نتعلم أن نفكر: ليس لمدارسنا أدنى فكرة عما يعنيه ذلك  n




(1) عبد السلام بنعبد العالي: أسس التفكير الفلسفي الأوربي المعاصر, مجاوزة الميتافيزيقا. تحت إشراف الأستاذ محمد عابد الجابري, جامعة محمد الخامس, كلية الآداب والعلوم الإنسانية, الرباط, 1990.
(2) عبد السلام بنعبد العالي: ميتولوجيا الواقع, دار توبقال, الدار البيضاء, 1999.
(3) الأطروحة: ص264.
(4) فريدريك نيتشه: أصل الأخلاق وفصلها.  ترجمة حسن قبيسي, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت-لبنان, ص15-16.
(5) حاوره الأستاذ بنسالم حميش: جريدة الاتحاد الاشتراكي, 7 يوليوز 1995.
(6) ميتولوجيا الواقع: ص36.
(7) نفس المرجع أعلاه, ص63.
(8) نفس المرجع أعلاه, ص48
(9) نفس المرجع أعلاه, ص61
(10) نفس المرجع أعلاه, ص63
(11) نفس المرجع أعلاه, ص63
(12) نفس المرجع أعلاه, ص95
(13) نفس المرجع أعلاه, ص65
(14) نفس المرجع أعلاه, ص66
(15) نفس المرجع أعلاه, ص60
(16) نفس المرجع أعلاه, ص29-30


لتحميل الكتاب برابط مباشر: اضغط هنا

نقد النثر...قدامة بن جعفر (أو: البرهان في وجوه البيان... إسحاق بن وهب)

1- نقد النثر (أو كتاب البيان)
قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي أبو الفرج
ومعه :
تمهيد - طه حسين
تحقيق - عبد الحميد العبادي
وفي اسم الكتاب ونسبته كلام كثير تقرأه في التحقيق
تصوير دار الكتب العلمية عن الطبعة المصرية القديمة
التمهيد والمقدمة : 50 صفحة
الكتاب : 156 صفحة
الحجم الإجمالي : 4 ميجا تقريبا
http://www.archive.org/details/nqntnqnt

---------------------------
2- الكتاب " طبعة المطبعة الأميرية ببولاق1941 "
http://www.archive.org/details/na9d-nathr

هذا الكتاب طبع قديماً منسوباً لقدامة بن جعفر الكاتب البغدادي ، نشرته الجامعة المصرية؛ وطبع بمطبعة دار الكتب في القاهرة سنة 1351هـ /1933م، من تحقيق طه حسين وعبد الحميد العبادي؛ ثم صدر في طبعات كثيرة في القاهرة وبيروت.
وقد اتضح بعْدُ أنه كتاب (البرهان في وجوه البيان) تأليف أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب، وقد صدر من تقديم وتحقيق حفني محمد شرف في القاهرة من مكتبة الشباب سنة 1969م في (405 صفحة).
ويضم الكتاب في هذه الطبعة مقدمة وملحقاً حول ملابسات نشر الكتاب وتعقيباً على طبعة بغداد من تحقيق أحمد مطلوب وخديجة الحديثي الصادرة عام 1967م.

السبت، 13 أغسطس 2011

أسرار طرابلس... مايل لومس تود

كتاب متميّز عن تاريخ مدينة طرابلس الغرب العريقة في حقبات الزّمن الغابر وما بها من آثار وعادات وتقاليد...
للتحميل: اضغط هنا

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More