تمهيد
هل مازال بعض ممّا بين الدرس اللغوي والفكر الفلسفي عامّة من الصلة مجهولا؟ لقد بات من المؤكّد اليوم أنّ وشائج العلاقة بين مختلف الفروع المعرفيّة – لاسيّما الإنسانيّة منها- مترابطة ترابطا وثيقا يأخذ بعضها برقاب بعضٍ، ويستند بعضها إلى الآخر، ويقوم بعضها معتمدا على أسس البعض الآخر لا يكاد يضيف إلى تلك الأسس إلاّ طفيفا، وكلّ هذا في حدّ ذاته مجال معروف، لكن هل استوفي البحث في مجال الثقافة العربيّة الوسيطة عامّة ومجال التفكير اللغوي فيها تحديدا؟ ولماذا تراث ابن جنّي، وهو العَلاّمة الذي يكاد إرثه يكون قد قُتِل درْسًا؟ إنّنا - في صدد قضيّتنا هذه على وجه التحديد- نميل إلى الظنّ أنّ العلاقة التي تصل علم الكلام، وجملة من المكوّنات الثقافيّة الأخرى أيضا، بالنظريّة اللغويّة العربيّة وطيدة، وأنّ هذه القضيّة مازالت بحاجة إلى مزيد من التفكير والبحث، بل الدراسة التفصيليّة القائمة على جهد جماعي. وأمّا في خصوص اختياري لأبي الفتح بن جنّي على وجه التحديد أنموذجا على الاستدلال على وثاقة هذه العلاقة بين التفكير اللغوي وعلم الكلام؛ فَلدواعٍ سوف يأتي ذكرها في حينه، ولنكتف هنا بالإشارة - بادئ ذي بدء- إلى ما جاء عند السيوطي في مصنّفه الذي عنوانه "المُزْهِر في علوم اللغة" في تأكيده أنّ ابن جنّي كان معتزليّا على مذهب شيخه أبي عليّ الفارسي.
1- منزلة علم الكلام بين سائر العلوم:
(الجاحظ)
يمكن الاستناد في عرض هذه الرؤية – أعني الرؤية الفكريّة القائمة على مبادئ علم الكلام عند أهل الاعتزال- التي من المرجح أن يكون ابن جنّي قد صدر عنها، إلى نظرة الجاحظ مثلا، وهو أحد أهمّ أعلام هذه المدرسة (المعتزلة)، لمزيّة علم الكلام؛ إذ يقول في كتابه "الرسائل": "لولا مكانُهُ لم يثبت للرّب ربوبيّة، ولا لنبيّ حجّة، ولم يُفصَل بين حجّة وشُبْهة، وبين الدليل وما يُتَخيّل في صورة الدليل، وبه يُعرَف الجماعة من الفِرقة، والسُنّة من البِدْعة والشذوذ من الاستفاضة". ثمّ إن الجاحظ نفسه يذهب في كتاب "الحيوان" أبعد من ذلك، مقرّرا نجاعة أصول علم الكلام النظريّة ومبادئه الإجرائيّة في سائر العلوم حتّى إنّه يعمّم فائدته على الطبّ قائلا: "وما كان أحوجنا وأحوج جميع المرضى أن يكون جميع الأطبّاء متكلّمين وإلى أن يكون المتكلّمون علماء؛ فإنّ الطبّ، لو كان من نتائج حُذَّاق المتكلّمين ومن تلقّيهم له، لم نجد في الأصول التي يَبْنُون عليها من خَلَلٍ ما نَجِد". إنّ علما هذه منزلته عند أهله حتّى أنّهم كادوا يُوجبونه على الأطبّاء، لا شكّ أنّ الاعتماد عليه في صياغة النظريّة اللغويّة أقرب. وهذا ما نسعى إلى اكتشافه عند ابن جنّي.
ولتوضيح تلك العلاقة، يهمّنا في البداية أن نتبيّن أنّ لعلم الكلام دوافع ومنطلقات يمكن تلخيصها فيما يأتي:
· القرآن الكريم وما أثارته الآيات المتشابهة من جدل، وأصداء هذا الجدل في الحديث النبوي. وما ترتّب عليه من تماسٍّ بين المصطلح الكلامي والمصطلحين اللغوي والبلاغي. يقول الجاحظ في "الرسائل": "اللهُ لا يتكلّم بكلام إلاّ ولذلك الكلام وَجْهٌ: إمّا أن يكون هو الأصل والمحمول عليه، وإمّا أن يكون هو الفرع والاشتقاق الذي تسمّيه العرب مجازا" . ويستنتج -أعني الجاحظ نفسه في كتاب الحيوان- فيما يشبه الخلاصة النهائيّة ما يأتي: "وبالجملة، قد يُشْبِه (يعني كلام الله) الاسمَ في صورة تقطيع الصوت وفي الخطّ والقرطاس، وإن اختلفت أماكنه ودلائله. فإذا كان كذلك، فإنّما يُعْرَف فضلُه بالمتكلّمين به وبالحالات والمقالات، وبالذين عُنُوا بالكلام". وأغلب الظنّ أنّ المشابهة بين الكلام البشري والكلام الإلهي كائنة، بَيْد أنّ المفارقة بينهما ظلّت قائمة عندهم ممّا دعاهم إلى التفكير في التأصيل، وهذا ما يفسّر قوله "فإنّما يعرف فضله بالمتكلّمين به" زيادة على التخريج والتأويل، وهذا مغزى قوله "وبالحالات والمقالات".
· اختلاف المذاهب والفرق الإسلاميّة بالتحديد حول مسألة جوهريّة في معاشهم ومعادهم، أي حول الإمامة والخلافة؛ إذْ تَرَكَ بعضُهم النّظر أو أرجأه، ونظر غيرهم في القرآن الكريم والسنّة النبويّة فعدُّوا الإمامة أصلا دينيّا، مؤوِّلين الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة محلّ النّظر كلٌّ بما رآه حسب الأصول التي يعتمدها، مستندين في ذلك إلى ما تتيحه اللغة بمستوييْها الحقيقي والمجازي من براهين؛ فاستتبع ذلك ظهور مصطلحات نَعَتَ بها المسلمون بعضهم بعضا: كالكافر كُفْر شِرْك أو كُفْر نعمة، أو الفاسق، أو صاحب المنزلة بين المنزلتين... يقول الجاحظ: "مِنْ قِبَلِ تَرْك النَّظر ومِنْ قِبَلِ قطع النَّظر من غير وجه النَّظر، ومِنْ قِبَلِ الإخلال ببعض المقدّمات، ومِنْ ابتداء النظر من جهة النظر، واستتمام النّظر مع انتظام المقدّمات، اختلفوا".
· مجادلة علماء الديانات الأخرى واتصال المتكلّمين بالمناطقة والفلاسفة وأهل الخطابة، وما أورثه هذا الاتصال من وضعٍ لمصطلحات تنمّ عن رؤيتهم للوجود؛ كالجوهر والعَرَض والعلّة الظاهرة والباطنة والبرهان والمقاييس والحركة والسكون والفاصل والحيّز...إلخ، يقول الجاحظ: "لا يكون المتكلّم جامعا لأقطار الكلام... حتى يكون الذي يحسن من كلام الدين في وزن الذي يحسن من كلام الفلسفة. والعالم عندنا هو الذي يجمعهما، والمصيب الذي يجمع بين تحقيق التوحيد وإعطاء الطبائع حقها من الأعمال"؛ ولهذا جعل الجاحظ علم الكلام "عِياراً على كل نظَر وزِماماً على كل قياس": فهو الذي "يفصل بين الحق والباطل، ويميز بين الحجّة والحيلة وبين الدليل والشبهة... ويصنع في العقول من العبارة وإعطاء الآلة مثل صنيع العقل في الروح... حتّى صار أهل كلّ علم عليه عيالا".
2- استنباط الكليات المتصلة باللغة وعلم الكلام:
"العقيدة الإسلاميّة هي – فيما بلغنا- العقيدة الوحيدة التي أثمرت معرفة موضوعيّة في قضايا اللغة".
(عبد السلام المسدّي)
لقد تلمّسنا بعض الدراسات -التي قام بها باحثون أعلام في اللغة- الطريق إلى هذه القضايا، لتتأكّد لدينا من خلال إطلاعنا على أهمّ الدراسات اللغويّة الحديثة التي بحثت الموضوع من قريب أو أشارت إليه بجدّية، الصلة بين علم الكلام والنظريّة اللغويّة؛ حتّى أنّه ثَبُت من خلال تكرّر الإشارات إلى تأثر فئة مهمّة من علماء اللغة والبلاغة بمذهب الاعتزال، وصدورهم في آرائهم وتوجيهاتهم اللغويّة والبلاغيّة عن منهج المتكلّمين ومقالاتهم. ففي كتاب "الأصول: دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب" يقول الدكتور تمّام حسّان: "لا نكاد نظفر بسيرة واحد من كبار أئمة النحو في عهد المأمون وبعده حتى نهاية القرن الرابع تقريبا إلاّ وجدناه على مذهب الاعتزال أو تأثّر بالبيئة، فأولع بالنّظر العقلي في النحو؛ بدءا بالفرّاء في القرن الثالث وانتهاء بأبي علي الفارسي وابن جنّي في نهاية القرن الرابع".
ومثلما بيَّن الدكتور تمّام حسّان اعتناق أغلب اللغويّين مذهب الاعتزال في العصر الذهبي للثّقافة العربيّة، لاحظ الأستاذ أحمد أمين قبله في "ضحى الإسلام" أنّ "فُشُوَّ الاعتزال في الحنفيّة كان من الأسباب التي جعلتهم يركنون إلى استعمال الرأي في مذهبهم؛ فإنّ مبدأ التحسين والتقبيح العقليَّيْن يُحيل على حريّة الرأي واستعمال العقل في الحكم". ويؤكّد الدكتور عبد الوهاب خلاف رسوخ قدمهم في إعمال العقل؛ إذ يلاحظ في كتابه "خلاصة التشريع الإسلامي" أنّهم "كانوا يفترضون صُوَرًا للمسائل، ويلتمسون لكلّ صورة جوابا"؛ وهذا يؤكّد التأثير المتبادل بين علم الكلام والفقه واللغة. ويذهب الدكتور أحمد العلوي في كتابه "الطبيعة والتمثال" مذهبا بعيدا ودقيقا حين يقول: "إنّ المذاهب اللغويّة كلّها تنبني على مواقف كلاميّة <أي علم الكلام> ضروريّة".
ويمكن أن نختم هذا الجانب بما جاء في كتاب "ماوراء اللغة: بحث في الخلفيّات المعرفيّة" للدكتور عبد السلام المسدّي؛ إذ يقول: "وممّا ندقّقه – وليس هو من شائع الظنّ – أنّ استنباط الكلّيات المتّصلة باللغة في علاقتها بالفكر ...لم يأت في المواريث الإنسانيّة إلاّ عن طريق الفلسفة ولكنه في التّراث العربي الإسلامي جاء بشكل أساسي مُضَمَّنًا في جدول علوم الدين. وأنّ العقيدة الإسلاميّة هي – فيما بلغنا- العقيدة الوحيدة التي أثمرت معرفة موضوعيّة في قضايا اللغة."
3- أصول النحو وأصول الكلام والفقه:
" لم أَرَ أحدا من علماء البلديْن [يعني البصرة والكوفة] تعرّض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه".
(ابن جنّي)
وهكذا، فإنّ اختيارنا لآثار ابن جنّي لا يعود إلى شهرته وذيوع صيته فحسب؛ بل كذلك لوضوح صلة فكره اللغوي بالمنهج الكلامي، بل لعلّه كان به وَلِعًا إن لم يكن مُعْتَدًّا. وممّا يؤكّد ذلك وضوح تلك الصلة أنّنا لمسنا احتفاءً به لدى عدد من الدارسين المعاصرين المشهود لهم برصانة الدرس، فالدكتور عبده الراجحي في كتابه "فقه اللغة في كتب العربيّة" مثلا يقول: "فالمذهب المعتزلي بمنهجه العقلي سوف يؤثّر في نظرة ابن جنّي إلى الظواهر اللغويّة". ولكنّ هؤلاء الدارسين يكتفون بتناول جانب من أفكار ابن جنّي اللغويّة، كلّ حسب وجهة البحث التي ينتهجها، ولم نجد – فيما اطلعنا عليه – دراسة شاملة تهتّم بتحليل المنحى الاعتزالي المؤسّس للنظريّة اللغويّة، وتبرز كيف ساهم هذا المنحى في بلورة رؤية ابن جنّي اللغويّة، ثم تبين أهمية آثار ابن جنّي في إعادة صياغة النظريّة اللغويّة العربيّة كما فهمها ابن جنّي وتعامل معها، وتسعى من بعد ذلك كلّه إلى ربط الماضي بالحاضر ربطا علميّا؛ لتبيّن إمكانيّة توظيف فكره في النظر اللغوي الحديث. لقد قال ابن جنّي في خطبة كتاب "الخصائص": "لم أر أحدا من علماء البلديْن (يعني البصرة والكوفة) تعرّض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه. فأمّا كتاب أصول أبي بكر (يقصد ابن السراج المتوفى سنة 316هـ) فلم يلمّ فيه بما نحن عليه إلاّ بحَرْفٍ في أوّله". ومثل هذا يدعونا دعوة ملحّة إلى تشجيع الدارسين إلى النظر في هذه المسألة.
ولئن كان عنوان المقالة قد أشار إلى آثار ابن جنّي عامة، فإنّنا نستشهد في هذا العرض بكتاب"الخصائص" الذي هو أهمّها في معالجة هذه المسألة؛ لكونه أقامه، كما سبقت الإشارة، على منهج المتكلّمين والفقهاء، فبادر بالتأسيس لعلم أصول النحو وتجاوزه ليستغرق فروع اللغة جميعها، بل قضايا النقد والأدب أيضا. يقول فيه صاحبه: "فهو كتاب (أي الخصائص) يتساهم ذَوُو النظر من المتكلّمين والفقهاء والمتفلسفين والنّحاة والكُتّاب المتأدبّين التأمّل له، والبحث في مستودَعه، فقد وجب أن يُخَاطب كلّ إنسان منهم بما يعتاده ويأنس به؛ ليكون له سهم منه وحصّة فيه".
يتأكد إذن أنّ ابن جنّي – حسب ما هو معلوم إلى حدّ الآن - أوّل لغوي أرسى دعائم منهج متكامل في أصول النحو قائم على أصول واضحة؛ كالسماع والقياس والإجماع. وفي هذا الإطار نستشهد بما يقرّره الدكتور أحمد سليمان ياقوت؛ حيث بيّنَ "أنّ ابن الأنباري (المتوفّى سنة 577هـ) في كتابه "لُمَع الأدلّة" متأثّر بخصائص ابن جنّي ما في ذلك شكّ؛ ذلك أنّه موصول النسب العلمي بأبي علي الفارسي أستاذ ابن جنّي. ثمّ تمضي السّنون ولا نكاد نجد مؤلّفا مستقلاّ في أصول النّحو حتى جاء السيوطي المتوفّى سنة911هـ وألّف كتاب "الاقتراح في علم أصول النحو"... فقد نقل عن الخصائص واللّمع كليهما".
4- التفكير اللغوي العربي وعلم اللسانيّات الحديث:
"البحوث العربيّة ساعدت بل ساهمت في بناء ما يسمّى علم اللسانيات الحديث".
(أندريه مارتيني)
أمّا فيما يتعلّق بالصلة بين فكر ابن جنّي اللغوي واللسانيات الحديثة فعائد - بالإضافة إلى الدواعي الثقافيّة التي سيأتي ذكر بعضها في قسم الأهداف لاحقا - إلى ما لاحظناه من التحليلات الواردة في بعض الدراسات - ويُتوقَّع أن البحوث التي نرجو حصولها أن تبيّنه- أنّ لابن جنّي إسهام واضح في بناء نظريّة لغويّة تُرى لها اليوم جوانب ذات شبه كبير بمبادئ لسانيّة حديثة، إذا ما غضضنا الطرف عمّا تستحيل معه الملاحظة العلميّة التامة؛ كما في الدراسة الصوتيّة التي تقتضي المختبرات المتخصّصة، أو ما يكاد يتعذّر عليه حتى التفكير فيه بغير الطريقة التي فكّر بها، أي بعبارة الإبستيمولوجيين "ما لا يمكن التفكير فيه" (L’impensable ) كما هو شأن غلبة التذكير على التأنيث في العربيّة حسب ظنّه... فمن شواهد "حداثته" ما وقف عليه الدكتور سليمان أحمد ياقوت، في كتابه "دراسات لغويّة في خصائص ابن جنّي" من أوجه شَبَه بين آرائه وآراء عالم اللسانيّات الفرنسي "فندريس" أو العالم الأمريكي "نعوم تشومسكي" الذي ابتدع الثورة اللسانيّة فيما يسمّى النحو التوليدي التحويلي. يقول ابن جنّي: "...الفاعل عند أهل العربيّة ليس كلّ من كان فاعلا في المعنى، وإنّ الفاعل عندهم إنّما هو كلّ اسم ذكرتَه بعد الفعل وأسنَدْتَ ونَسَبْتَ ذلك الفعل إلى ذلك الاسم" ، وهذا عينه – كما نقل الدكتور عبده الراجحي في كتابه "النحو العربي والدرس الحديث"- ما عبّر عنه تشومسكي في كتابه "البنى التركيبية" (Syntactic Structures) بقوله: "إنّ هناك فرقا بين الفاعل مثلا بمعناه النحوي وبين الفاعل بمعناه المنطقي أو العقلي".
5- أهميّة الدراسة في الثقافة العربيّة المعاصرة:
"اللسانيات الحديثة استفادت من التراث اللغوي العربي أكثر من غيره، رغم أنّ أغلب اللسانيّين الغربيّين لا يعرفون هذه الحقيقة أو لا يعترفون بها... ظانين أنّ التراث اللغوي العربي في معظمه انعكاس وإعادة صياغة للتراث اللغوي الإغريقي".
(مازن الوعر، بتصرّف)
إنّ النهضة التي تشهدها علوم اللغة والبلاغة والنقد في أيامنا، وإن كانت ملكا مشاعا بين الإنسانيّة قاطبة، لا يمكن أن ننكر أنّها إلى حدّ هذه اللحظة التاريخيّة التي نعيشها نتاج علمي غربي بالدرجة الأولى، وما زالت هذه العلوم تتّخذ من الغرب مركزا، شأنها في ذلك شأن علوم عديدة، إن لم يكن شأن سائر العلوم، وإنّها لتشهد بين الحين والحين بفعل التراكم المعرفي والثورات التقنيّة والفتوح العلميّة تطويرا وإعادة صياغة، وتنشأ منها فروع جديدة حتّى صار الحديث يدور مجازا على شجرة اللسانيات.
وإنّ ما هو راسخ في فكرنا – وإن كان غير ذلك عند غيرنا في الغرب خصوصا - ومن واجبنا بيانه وإذاعته على أسس علميّة مضبوطة -لا عبر خطاب فضفاض غير مقنع علميّا- أنّ آخر حلقة استفاد منها الفكر الغربي المعاصر هي التراث العربي الإسلامي. وأنّ فضيلة هذا التراث إنّما تنبع من أنّ الحضارة العربيّة الإسلاميّة كانت أعلى في الوتيرة الفكريّة وأنفذ في الرؤية المستقبليّة من غيرها من الثقافات والحضارات التي سبقتها أو رافقتها، رغم كلّ النواقص والعوائق التي انتابتها؛ حتى أنّ بعض الدارسين يرى أنّ اللسانيات الحديثة استفادت من التراث اللغوي العربي أكثر من غيره، رغم أنّ أغلب اللسانيّين الغربيّين لا يعرفون هذه الحقيقة أو لا يعترفون بها "ظانين أن التراث اللغوي العربي في معظمه انعكاس وإعادة صياغة للتراث اللغوي الإغريقي"، كما يقول الدكتور مازن الوعر في كتابه "دراسات لسانيّة تطبيقيّة" . لذلك، فإنّ هذه العجالة المتواضعة تحاول أن تأخذ على عاتقها التحسيس بأهميّة الدراسة العلميّة المضبوطة في تعديل وجهة النظر السائدة، وإبراز أهمّية إعادة صياغة النظريّة اللغويّة العربيّة وفق مناهج البحث الحديثة.
6- تصوّر أوّلي لأبواب مساهمات ابن جنّي اللغويّة:
لعلّه من المبكر أن نتخيّل أبواب، ونرسم أبعادها بدقّة وتحديد، إلاّ أنّ واجب المساهمة في البحث الجماعي الذي نقترحه وما يدعو إليه الدرس العلمي من إقامة تصوّر منهجي للخطوط العامّة للدراسة في ضوء الدواعي والأهداف المشار إليها آنفا. لكلّ ذلك، نرى أنّ من المهمّ أن تشتمل الدراسة على الأبواب الآتية:
6-1- أثر علم الكلام وأصول الفقه في النظريّة اللغويّة:
"إن كان النحو ما عندنا، فليس عند الرماني منه شيء. وإن كان النحو ما عند الرماني فليس عندنا منه شيء".
(أبو علي الفارسي)
يتوَقَّع من الخطة الدراسية لآثار أبي الفتح بن جنّي أن تعالج نماذج من مساهمات شخصيّات مهمّة في تاريخ الاعتزال، سواء أكانوا علماء كلام أم فلاسفة أم لغويّين كالجاحظ وأبي سليمان المنطقي والفرّاء وأبي سعيد السيرافي وأبي علي الفارسي، الذين كان لهم أثر قريب أو بعيد في صياغة تفكير ابن جنّي.
لقد كنّا أشرنا أعلاه في النقطة الأولى من دواعي الاختيار إلى رؤية الجاحظ لمنزلة علم الكلام عامّة حين قال :"صار أهل كل علم عليه عيالا ". ومن أهمّ ما يمكن الاستشهاد به أيضا في هذا السياق ويتنزّل في صميم النظر النحوي تحديدا ما نقل عن أبي علي الفارسي في "بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي" من قول حين قال: "إن كان النحو ما عندنا، فليس عند الرماني منه شيء. وإن كان النحو ما عند الرماني فليس عندنا منه شيء".
6- 2- تأصيل ابن جنّي للنظريّة اللغويّة وأثره في إرساء نظريّة النّظم:
"قد أُشْرِبَتْ روحه <عبد القاهر الجرجاني> كلّ ما كتبه أستاذه محمد بن الحسن الفارسي وأبو عليّ الفارسي وابن جنّي".
(شوقي ضيف)
ينتظر من هذه الدراسة أن تبحث في توظيف ابن جنّي لأصول علم الكلام والفقه في بناء نظريّته، وقد لاحظنا أبوابا في الخصائص على سبيل المثال ذات صلة بالمسائل الكلاميّة مثل "باب فيما يؤمِّنه علم العربيّة من الاعتقادات الدينيّة "(ج3/345) وأخرى ذات صلة بأصول الفقه مثل "باب الاستحسان" (ج1/133) أو ثالثة تبدو أقرب إلى الكلام منها إلى أصول الفقه مثل "باب ذكر علل العربيّة أكلاميّة هي أم فقهيّة ؟". ولا يتوقّع من العجالة طبعا أن تعالج ما تعالجه الدراسة المتأنيّة من صدى مسائل علم الكلام وأصول الفقه في نظريّته اللغويّة مثل التوحيد والعدل وخلق الأفعال والمنزلة بين المنزلتين، والعقل والنقل، والحقيقة والمجاز في اللغة، والسماع والقياس والعِلَل، والإجماع والاستحسان، وكلام العرب... وغيرها من المسائل المبثوثة في كتب ابن جنّي.
على أنّه قد يكون من المهمّ في هذا المجال بيان صلة النحو بالبلاغة وبغيرها من فروع العربيّة: ألم يقل ابن جنّي نفسه في خطبة كتاب الخصائص:"فهو كتاب يتساهم ذوو النظر من المتكلّمين والفقهاء والمتفلسفين والنحاة والكتّاب المتأدبين التأمل له، والبحث في مستودعه" ؟ ويقول الدكتور عبده الراجحي في كتابه" "فقه اللغة في كتب العربيّة" ما مفاده أنّ "ابن جنّي فهم فكرة العامل فهما لغويّا صحيحا؛ لأنّه فهمها من خلال التركيب والنّظم؛ فنحن إذا نظرنا في تحليل ابن جنّي لبيت للفرزدق مثلا، لوجدناه يربط الصلة بين النحو (الرفع أو النصب) والدلالة والبلاغة، بل الناحية العقيديّة أيضا ربطا وثيقا، يقول أبو الفتح: ... لو نَصَبَ لأخبر بأن الله أمرهما أن يفعلا ذلك..." (الخصائص، ج3، 302). وإذا جوَّدنا النظر في الخصائص ألفينا سياقات، بل فقرات تكاد في أسلوبها ومصطلحاتها لا تختلف عن مثيلات لها في "المُغْنِي في أبواب التوحيد" للقاضي عبد الجبّار أو "دلائل الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني، حتّى لكأنّها هي (يمكن المقارنة مثلا بين الخصائص لابن جنّي، ج1، ص319 ودلائل الإعجاز للجرجاني، ص168). ويمكن أن نختم هذا المحور بما جاء عند الدكتور شوقي ضيف في كتاب "البلاغة تطور وتاريخ" من تأكيد للصلة العلميّة، بل الروحيّة بين ابن جنّي والجرجاني حين قال: "قد أشربت روحه (عبد القاهر الجرجاني) كل ما كتبه أستاذه محمد بن الحسن الفارسي وأبو علي الفارسي وابن جنّي".
6-3- نظريّة ابن جنّي اللغويّة وصلتها بالدرس اللساني الحديث:
"لا يستبعد أن يكون للأبحاث العربيّة أثر في تفكير اللساني الأمريكي تشومسكي".
(جون ليونز)
يتوقع من هذا الباب أن يكشف عن أصالة تفكير ابن جنّي، وتمكّنه بفضل ثقافته، ومعرفته الدقيقة بأصول الكلام والفقه، من الدرس اللغوي؛ من حيث عمق تحليلاته ودقّتها وقربه من واقع اللغة، ووقوفه على النظام اللغوي للعربيّة؛ مثل بحثه في الاشتقاق الأكبر ومقابلته بالاشتقاق الأصغر، وتعريفه للنحو بتمييزه عن الإعراب مخالفا سائر البحوث التي لم يميّز فيها أصحابها بين النحو والإعراب. وهذا يكاد يتطابق مع ما يسمى اليوم الفصائل أو المقولات النحويّة (Categories Grammaticales) كما في مقولة الزمن كما جاء في باب (تركيب اللغات) وملخصه أن ابن جنّي ميّال إلى أن اختلاف صيغ الأفعال إنّما كان دالاًّ على اختلاف الأزمنة، يقول ابن جنّي: "وذلك أنّه قد دلّت الدلالة على وجوب مخالفة صيغة الماضي لصيغة المضارع؛ إذ الغرض في صِيَغ هذه المُثُل إنّما هو لإفادة الأزمنة، فجُعِل لكلّ زمان مثال مخالف لصاحبه، وكلّما ازداد الخلاف كانت في ذلك قوّة الدلالة على الزمان" (الخصائص،ج3، 335).
ثم إنّنا سبق أن أشرنا أعلاه في النقطة الثالثة من دواعي الاختيار إلى تقارب كبير بين ما توصّل إليه تشومسكي رائد الثورة التوليديّة التحويليّة في اللسانيات وما كان ابن جنّي قد سبق إليه في تحليل علاقات الإسناد في العربيّة. وإنّ جون ليونز، أحد الدارسين المعاصرين، لا يستبعد أن يكون للأبحاث العربيّة أثر في تفكير اللساني الأمريكي تشومسكي. ويقول تشومسكي نفسه إنّه درس الأجروميّة على الأستاذ فرانز روزنتال، وأفصح عن اهتمامه بالتراث النحوي العربي والعبري أثناء دراسته الجامعيّة كما يوضّح ذلك الدكتور مازن الوعر في كتابه "دراسات لسانيّة تطبيقيّة". ويقول أندريه مارتيني: "إنّه إذا نظر علماء اللسانيات العرب المعاصرون إلى لغتهم نظرة عربيّة محضة، فلن يستطيعوا أن يفهموا العمل اللساني الذي قام به العرب القدماء"، ومن ثمّة فقد يكون من المفيد دراسة بعض أوجه التشابه بين تفكير ابن جنّي، وبعض اللسانيين المعاصرين بهدف توظيفه في الدرس اللغوي الحديث.
ملاحظات واستنتاجات:
* إنّ التراث الاعتزالي ساهم مساهمة كبرى في صياغة فكر عربي إسلامي "عبر إنضاج المحاورة حول العقيدة" - كما عبّر عن ذلك الدكتور عبد السلام المسدي- وكان مدار ذلك علما من أغزر المعارف في شؤون اللغة حتى أنه استمدّ منها تسميته، إنّه علم الكلام. ونتوقّع – فيما يشبه الجزم- أن تراث ابن جنّي لا يخرج عن هذا الإطار، بل يؤكّده.
* إن إيمان المعتزلة بالعقل واحتفاءهم به وتعويلهم عليه كان له دور حاسم أيضا في إضفاء الصبغة العقليّة على علم أصول الفقه، وعلم أصول الدين، ومن ثمَّ على علم أصول اللغة وإن لم يكن لهم نظريّة فقهيّة مخصوصة – كما هو شأن الشيعة مثلا- إذ هم في مجال الفقه وأصوله يشاركون أهل السنّة مشاربهم. وقد تقدّمت الإشارة إلى انتماء أغلبهم إلى المذهب الحنفي.
* إنّ النظريّة اللغويّة العربيّة تقع في الثقافة العربيّة الإسلامية موقع النّواة الصلبة، فأحد أكبر المهامّ المطروحة على الباحثين المساهمةُ في الكشف عن آليات فعل اللغة في صياغة الأنساق الفكريّة من جهة، وفعل هذه الأنساق نفسها في بلورة النظريّة اللغويّة من جهة أخرى في علاقة جدليّة من التأثير والتأثّر. ونظنّ أنّ الفضل في ذلك يعود لابن جنّي؛ ولذلك كان من المفيد إعادة النظر في تراثه من هذه الزاوية.
* إنّ بعض الباحثين في علوم اللغة يسعون إلى صياغة نظريّة لسانيّة عربيّة حديثة، مشيرين إلى أنّ المنصفين من علماء اللغة في الغرب نفسه يرون أنّ للعرب إسهاما في اللسانيات الحديثة كما يذهب إلى ذلك اللساني الفرنسي أندريه مارتيني. وإنّنا لنشاركهم الاعتقاد في أنّ أسلوب البحث العلمي يقتضي دراسة النظريّة اللغويّة العربيّة ومناهجها دراسة شاملة من أجل معرفة كيفيّة البناء الجديدة سواء على صعيد المنطلقات النظريّة أو الهدف العملي التطبيقي؛ فهذه النظريّة ستكون أنضج عندما تنجز الخطوة الأولى إنجازا تامّا ومتكاملا يجمع جهود كلّ الدارسين في تحليل مفصّل للنظريّة القديمة والوقوف على كلّ مكوّناتها، وهذا لعمري هو شأن الحلقات البحثيّة التخصصيّة والمؤسّسات العلميّة والأكاديميّة التي تتظافر فيها جهود الدارسين في خطّة عمل موحّدة، حيث تعجز جهود الأفراد على الإيفاء بذلك.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا: مصادر عربيّة قديمة:
-أساس البلاغة: للزمخشري، ط دار صادر، بيروت،1963.
-أسرار البلاغة: لعبد القاهر الجرجاني، تعليق أحمد مصطفى المزراغي، دار الاستقامة، القاهرة، 1932.
-أسرار العربيّة: لابن الأنباري، تحقيق صالح قدارة، دار الجيل، بيروت، ط1 ،1995
-الأصول في النحو: لابن السراج، حققه د.عبد الحسين الفتلي، بغداد،1973
-الإنصاف في مسائل الخلاف: لابن الأنباري، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر،1955.
-الإيضاح في علل النحو: لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق مازن المبارك، دار العروبة، 1959.
-بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: للسيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ،المكتبة العصرية، بيروت، د.ت
-البيان والتبيين: للجاحظ ، تحقيق عبد السلام هارون، دار الرشاد الحديثة .د.ت
-الحيوان: للجاحظ، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، دار الكتاب العربي، لبنان، 1969.
-الخصائص: أبو الفتح بن جنّي، تحقيق محمد علي النجار، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان،1952.
-الرسائل: الجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، 1964
-سر صناعة الإعراب: أبو الفتح بن جنّي، دراسة وتحقيق حسين هنداوي، دار القلم، دمشق، ط1 ،1985.
-طبقات النحويين واللغويين: لأبي بكر الزبيدي، تحقيق محمود محمد شاكر، دار المعارف، مصر، د.ت.
-فضل الاعتزال، وطبقات المعتزلة: أبو القاسم البلخي، القاضي عبد الجبار، الحاكم الجشمي، تحقيق فؤاد سيد، الدار التونسية للنشر، ط2 ، 1986.
-في صناعة الكلام: للجاحظ؛ على هامش "الكامل " للمبرد، مطبعة التقدم ،القاهرة،1323هـ
-الكتاب: لسيبويه، طبعة بولاق،1942
-مراتب النحويين: لأبي الطيب اللغوي ،تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم،مطبعة نهضة مصر،1955
-المزهر في علوم اللغة: لجلال الدين السيوطي، دار الفكر، المجلد 1 ، د.ت
-المعتمد في أصول الفقه: لأبي الحسين محمد بن علي البصري المعتزلي،تهذيب وتحقيق محمد حميد الله(وآخران)دمشق1964
-مفتاح الوصول إلى الأصول: لأبي عبد الله المالكي التلمساني، تحقيق وتقديم عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الكتب العلمية، د.ت
-المفصل في علم العربيّة:لأبي القاسم الزمخشري، دار الجيل ، بيروت، د.ت.
-مقدمة ابن خلدون: تحقيق أ.م.كاترمير، مكتبة لبنان، 1970.
ثانيا: مراجع عربيّة حديثة:
- الأصول: دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب :النحو- فقه اللغة-البلاغة د.تمام حسان،عالم الكتب، القاهرة2000
-التفكير اللساني في الحضارة العربيّة: د.عبد السلام المسدي، الدار العربيّة للكتاب، طرابلس، ليبيا،1986
-البلاغة تطور وتاريخ: د.شوقي ضيف ،دار المعارف ،مصر،1965
-تقويم الفكر النحوي: د .علي أبو المكارم، دار الثقافة، بيروت، ط1، 1986
-الحضارة الإسلامية في القرن الرابع هجري، أو عصر النهضة في الإسلام:آدم متز، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار الكتاب العربي، ط4، 1967
-خلاصة التشريع الإسلامي: عبد الوهاب خلاف، دار القلم، الكويت، ط2 ، 1980
-دراسات لسانية تطبيقية: د. مازن الوعر، دار طلاس، دمشق، ط1، 1989
-دراسات نحوية في خصائص ابن جنّي: د.أحمد سليمان ياقوت، دار المعرفة الجامعية
-ضحى الإسلام: أحمد أمين، دار الكتاب العربي، بيروت، ط10
-الطبيعة والتمثال: د.أحمد العلوي، الشركة المؤسسة للناشرين المتحدين، الرباط، د.ت
-علم الكلام والنظريّة البلاغية عند العرب: د. محمد النويري، نشر كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس،2001
-فقه اللغة في الكتب العربيّة: د.عبده الراجحي، دار النهضة العربيّة، بيروت، 1972
-في النحو التحويلي: عرض للمنهجية التحويلية في أربعة أبحاث: موريس قراس، ترجمة وتقديم د.صالح الكشو، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات"بيت الحكمة" ، 1989
-اللغة: فندريس، ترجمة عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص، الأنجلو مصرية،1950
-اللغة ومشكلات المعرفة: نعام تشومسكي؛ ترجمة حمزة قبلان المزيني، دار توبقال، الدار البيضاء-المغرب ط 1، 1990
-اللهجات العربيّة في القراءات القرآنية: د.عبده الراجحي، دار المعارف، مصر،1968
-ما وراء اللغة: بحث في الخلفيات المعرفية، د.عبد السلام المسدي، مؤسسات عبد الكريم عبد الله، تونس،1994.
-مناهج البحث في اللغة: د. تمام حسان، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1986.
-النحو العربي والدرس الحديث (بحث في المنهج): د.عبده الراجحي، دار نشر الثقافة، الإسكندرية،1977.
-نظريّة النحو العربي في ضوء مناهج النظر الحديث: د. نهاد الموسى، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، 1980.
-أبو الفتح ابن جنّي وأثره في اللغة العربيّة: د.محمد أسعد طلس ، مجموعة مقالات متسلسلة ،نشر مجلة المجمع العلمي العربي ، دمشق، المجلد 30، 1955
-خواطر حول علاقة النحو العربي بالمنطق واللغة: د .عبد القادر المهيري، حوليات الجامعة التونسية،عدد10، 1973
ثالثا : المراجع الأجنبية:
-Abdelkader Elmhiri: Les theories grammaticales d’Ibn Jinni, Tunis , 1973
-Al-Waer,Mazen: Toward a Modern Arabic Linguistic Theory. Tlass for Studies, Translation and Publication,Damascus,1987.
-Al-Waer,Mazen: Beyond the Symbolic System of the Arabic Language" a Paper Presented at the "Spoken and Written Discourse Seminar" held at Georgetown University,Washington D.C,1980.
- BAKKALA Mohammed Hassan: An early Arab Phonetician of the tenth century;Ibn Jinni:,1982
-Chomsky,N : Aspects of the Theory of Syntax,MIT Press,Mass,U.S.A,1965
-Chomsky,N : Syntactic Structures,Mouton,The Hage, Paris ,1975
-DE Saussure, F: Course in General Linguistics. Translated by Wade Baskin, Newyork.U.S.A, 1959.
- GILSON Etienne: Linguistique et Philosophie;Essais sur les constants philosophiques du language:
- Lyons : Semantics 1.Cambridge University Press.1977.
- Palmer, F: Linguistic at Large,N.Minnis,ed London ,Gollancz.1971.
- Tannen, D: Spoken and Written Language.Norwood, NJ: Ablex.U.S.A.1983
1 التعليقات:
شكرا كثيرا على المقال كنت بحاجة إلى ترسيخ فكرة العاقة بين المنطق الإسلامي و المنطق اللغويز
إرسال تعليق