يمثل هذا الكتاب محاولة لفهم التخلف ليس على أنه تخلف عن الغرب نتيجة لضعف جهود التنمية بحسب المقاييس الشكلية المتعارف عليها، بل لفهم التخلف على أنه تأخر وارتكاس، من حيث هو ظاهرة مستقرة في التاريخ، ومتصلة بعلاقات القوة وتوزيعها على مستوى العالم بين شعوبه وأممه. فالتخلف ظاهرة عامة في التاريخ ما دام هناك طرف مهيمِن وطرف مهيمَن عليه، عندما تتصادم الحضارات بعضها ببعض وتتصارع.
هذا الفهم للتخلف يفتح آفاقاً واسعة لدراسة فقه التخلف: العلم به وطرائق تفسيره، من منظور تاريخي دينامي. يحاول الكاتب رصد مظاهر هذا التخلف: أسبابه ونتائجه في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، برغم ما حققه العالم العربي من "تقدم" مادي متمثل في ارتفاع مستوى المعيشة وانتشار مظاهر الرعاية الاجتماعية المتعددة.
ركز الكاتب على عدة إشكالات تعدّ معضلات ما زال المجتمع العربي يعانيها: تخلف المجتمع المدني ومؤسساته وقبليته السياسية، وظاهرة "فقر" التعامل السياسي والثقافي مع المسألتين المحوريتين في العقدين الأخيرين من القرن العشرين: المسألة العراقية والمسألة الفلسطينية، والمواجهة التاريخية المتصلة بين العرب والغرب، والتجليات المختلفة لثقافة التخلف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق