ما الذي حدث في تونس يوم 14 جانفي؟ ثورة أم انتفاضة أم عصيان مدني أم احتجاجات شعبية؟من وقّعها ؟ أرياف طال تجويعها و تهميشها ؟ أم مدن طال قمع الحريات فيها ؟ أم شباب تأبّدت عطالته عن العمل؟ تساؤلات يحملها الجميع ..و لأول مرة نتقاسم الأسئلة ..لكننا قد لا نتقاسم الأجوبة..و ربما لأن أسئلتنا الجماعية هي هموم جماعية تولد هذه المرة من أماكن مغايرة للاجابات..
يقترح هذا المقال بسط و تحليل و مسائلة ثلاثة قراءات فلسفية هي بمثابة التأويلات لما وقع في تونس .هذه القراءات اقترحها على التوالي المفكر التونسي فتحي المسكيني بتاريخ 20 جانفي، والفيلسوف الايطالي أنطوني نغري بتاريخ 5 فيفري ،و أخيرا الفيلسوف الفرنسي ألان باديو بتاريخ 19 فيفري 2011 …
و المثير هو أن هؤلاء القرّاء الثلاثة يختلفون حول تسمية ما وقع في تونس منذ 17 ديسمبر 2011... نيغري يتكلم صراحة عن “ثورة تونسية”، أما باديو فيسميها هيجانا أو احتجاجا شعبيا، في حين يذهب المسكيني الى اعتبارها انتفاضة حيوية ما بعد هووية.
يقترح هذا المقال بسط و تحليل و مسائلة ثلاثة قراءات فلسفية هي بمثابة التأويلات لما وقع في تونس .هذه القراءات اقترحها على التوالي المفكر التونسي فتحي المسكيني بتاريخ 20 جانفي، والفيلسوف الايطالي أنطوني نغري بتاريخ 5 فيفري ،و أخيرا الفيلسوف الفرنسي ألان باديو بتاريخ 19 فيفري 2011 …
و المثير هو أن هؤلاء القرّاء الثلاثة يختلفون حول تسمية ما وقع في تونس منذ 17 ديسمبر 2011... نيغري يتكلم صراحة عن “ثورة تونسية”، أما باديو فيسميها هيجانا أو احتجاجا شعبيا، في حين يذهب المسكيني الى اعتبارها انتفاضة حيوية ما بعد هووية.
1° قراءة نغري : ثورة من أجل ديمقراطية المشتركيقول نغري:”لم نكن نتخيل أن الثورة التونسية بوسعها أن تتخذ هذا الشكل و أن تخلق مثل هذه المشاكل الدستورية المماثلة لانتفاضة اجتماعية و سياسية في أوروبا الوسطى”. ان هذا القول لنغري قول مثير مرّتين: أن الثورة التونسية ، وهي ثورة اذن، فاجأت المفكر الغربي الماركسي الذي ينتمي الى جيل اعتقد أن باب الثورة على الطريقة الماركسية قد انسد ، و أنه لم يتبق للانسانية الحالية غير ديمقراطية المشترك المتدفق من رحم الوجود تدفقا حيويا مبدعا..حيث تولد الجموع و والفرديات المقاومة للعولمة التي تكتسح كل العالم ، عولمة حولت كل ما يحيط بنا الى بضاعة و أصابت كينونتنا بقحط أنطولوجي لا تنمو فيه غير الصحراء..
نعم، لقد فاجأت ثورة تونس حتى الثوار أنفسهم ..و فاجأت منظري الثورة على الرغم من عقولهم العتيدة و العنيدة ..و الأبية و العتية..
و المثير أكثر هو أن هذا الفيلسوف الثوري يُفاجئ ههنا على نحو غربي تماما..و الا لماذا فوجئ نغري ،أي لماذا تُفاجئ أعتى العقول الغربية في الفلسفة السياسية الحالية ، ازاء وقوع الثورة في بلاد عربية اسلامية ، مستعمرة غربية سابقة ، أي في تونس تحديدا ..؟ هل يعني ذلك أن الغرب لم يكن يتوقع أن الثورة تولد من جديد من جهة غير غربية ؟ أم أن السبات السياسي الذي أصاب تونس على امتداد 23 سنة تجمدت فيها كل أشكال الحياة السياسية النشطة و الحرة و الحقيقية لم يكن يحتمل امكانية الثورة ؟
لكن نغري يعتبر تونس من جهة أخرى “ضاحية أروبية” بل و يعتبرها “ضاحية من ضواحي العالم” وهو بذلك لا يرتدّ بالنقاش ، على الأقل صراحة ، الى الاحداثية التقليدية “شرق ، غرب “..انما يقترح علينا نغري توصيفا ماركسيا واضح المعالم لهذه الثورة .و تتمثل أطروحته في الاقرار بأن تونس قد شهدت في السنوات الأخيرة “تضخما في قوة العمل المعرفي “، وهو تضخم أنتج بطالة فظيعة ، صار فيها حشد هائل من الشباب الى قوة عمل معرفي هائلة ..ما حصل هو أن قوة العمل المعرفية هذه التي لم يتم تشغيلها و ادماجها ضمن قوى الانتاج و التي وقع اقصاؤها و تهميشها و تعطيلها قد تراكمت و انفجرت.و بكلمة جميلة لنغري صارت قوة العمل المعطلة و المقهورة الى “رغبة في الحرية ..تمردت و انتصرت “.
يقول نغري :”لقد أودع بن علي في البطالة قنبلة مؤجلة كان بوسعها أن تنفجر في كل لحظة “.و فعلا انفجرت القنبلة قنابل أضرمت نيران الثورة في الأجسام و القلوب ، و جعلتنا نعيش حالة من الحرية الجامحة التي لا تنتهي..
ان المشكلة الحقيقية بالنسبة الى ثوار تونس ، بحسب تأويل نغري، هي الرغبة الجامحة في “ديمقراطية حقيقية “، و أن هذه الرغبة ليست تونسية فقط بل هي رغبة عالمية لا يمكن ادراكها الا بما سماه نغري “ثورة ديمقراطية”.لكن هذه
الدمقراطية الحقيقية لا تقوم على تصور ليبيرالي للفرد،و لا على تصور هووي للجماعة، بل على حكومة المشترك ..و ذلك باعتبار “المشترك” شكل جديد من الذاتية السياسية فيما أبعد من الهوية و الغيرية و الذاتية معا.
لكن هل أن الكلام عن تونس هو أيضا كلام عن أوروبا ، بحيث بوسع عدوى ثورة تونس أن تشمل أوروبا و العالم برمته الذي يعاني من فظاعة العولمة ، القائمة على ديمقراطيات زائفة ليبيرالية كرتونية و مهرجة ؟
اجابة نغري واضحة: أن الرغبة في اختراع أشكال جديدة من الحرية ليس مشكلا تونسيا انما هو المشكل الجوهري لكل الأحرار في العالم .و أن “ثورة صغيرة كما ثورة تونس بوسعها أن تشعل النار ليس فقط في المغرب و انما أيضا في كل العالم العربي”.و فعلا لقد شمل التدفق الثوري التونسي أكثر من بلاد عربية ،مصر و ليبيا و اليمن و سوريا..و البقية في الطريق..
فشلت اذن ثقافة الهزيمة في كل شوارع و مدن و أرياف تونس ..لقد صار شعب تونس جموعا حرة فيما أبعد من كل مشاعر الخوف و الجبن..من كل المشاعر المضادة للحياة ..اليأس و القهر و الاحتقان و الصمت الفظيع.. طاقة ثورية حيوية شباب اقتلع الحق في الدفع بحالة الثورة نحو شكل مغاير من الحياة السياسية.
2° قراءة باديو : احتجاجات شعبية من أجل الحريةينزل الفيلسوف الفرنسي ألان باديو توصيفه للثورة التونسية ضمن اطار السؤال الماركسي الكبير”ماذا يعني أن نغير العالم؟”.و يبدو أن ما وقع في تونس يوفر اجابة مثيرة عن هذا السؤال ،بل عل ثورة تونس اجابة نموذجية هي الأولى من نوعها منذذ ثورة ايران ، عن مطلب فلسفي عميق رسمه ماركس الشاب قائلا:”لقد اكتفى الفلاسفة الى حد الآن بتفسير العالم ….لكن علينا تغييره”.
ان ما وقع في تونس اذن احتجاجات شعبية ازاء نظام استبدادي وقع الانقلاب عليه. يرفض باديو تسمية هذا الحدث ثورة و يكتفي بالعديد من الاحترازات .ان ما نفهمه اذن بادئ الأمر هو أن هذه الاحتجاجات الشعبية التي وقعت في تونس تمثل احدى الامكانيات النموذجية لتغيير العالم على طريقة اليوطوبيا الماركسية.و هنا هذه الاحتجاجات التونسية لم تقتصر على تونس بل هي قد فتحت أفق “تغيير العالم” بعد أن انسدّ هذا الافق اثر فشل الشيوعية في عهد ستالين و سقوط الاتحاد السوفياتي .
لكن ما يحرجنا في هذه القراءة لألان باديو هو تحديدا تحفظه و احترازه الشديد ازاء هذه الاحتجاجات الشعبية التي يشعر ازاءها الفيلسوف باديو بحيرة غامضة تجعله يقول “لماذا علينا أن نحلل هذه الظاهرة ، في حين بوسعنا أن نكتفي بالاستمتاع بها”و يضيف “ظاهرة نادرة لا نجد لها مثيلا الا لو عدنا 30 سنة الى الوراء…الى الثورة الايرانية “.ههنا بالضبط نتوقف ازاء هذا الانزلاق الملغم الذي يكنه لنا هذا النص لباديو:هل أن ثورة تونس شبيهة بثورة ايران؟ و ان كان الأمر كذلك هل أنها تملك نفس مصير ثورة ايران ؟ ههنا مكان يحف بالمخاطر ..و الفيلسوف لا يساعدنا كثيرا على استجلاء الأمر..
على عكس الفيلسوف الايطالي نغري الذي اعتبر ثورة تونس رغبة في “ديمقراطية حقيقية” هي في عمقها رغبة أوروبية و عالمية ، فان ألان باديو يبدي حيرته و قلقه ازاء امكانية انتساب ثورة تونس الى النموذج الغربي الحديث أي تحديدا ، انتسابها الى الرغبة في الديمقراطية على الطريقة الأوروبية. لم تولد ثورة تونس أو احتجاجاتها من “رغبة في الغرب”، هل يتعلق الأمر برغبة في الشرق؟ أم أن الأمر يتعلق برغبة في الحرية فيما أبعد من الثنائي الكلاسيكي العقيم الفاصل بين الغرب و الشرق؟ يجيبنا باديو :”لنقل أن الأمر يتعلق برغبة في الحرية ..ضد نظام استبدادي ..لكن الحديث عن رغبة في الغرب هو أمر اشكالي “.لكن أي تحديد نعطيه حينئذ لمفهوم الغرب؟ يعرفه باديو بوصفه “جملة ما شكله اقتصاد السوق و الديمقراطية البرلمانية …” و يضيف ساخرا من هذا المفهوم ” قبل 30 سنة الوحيدون الذين تبنوا اسم الغرب هم جماعة فاشية بعصي من حديد..”
ان الغرب نفسه صار يعاني منذ زمن من أزمة عالمية ..في نسق العولمة نفسه ..تعاسة فظيعة ..بطالة و فقر و تشرد و مجاعات ..وهنا بالضبط نعثر على طرافة قراءة باديو لاحتجاجات تونس : انه يعول صراحة على ثورة تونس في قدرتها على اختراع أفق مغاير تماما للنموذج الغربي .لن يتعلق الأمر اذن بمجرد رغبة في الديمقراطية التي تنتهي دوما بانتخابات أو بشكل ليبيرالي من الحياة السياسية .
ان ما ينبغي أن نسميه تغييرا فعليا للعالم مثلما جسّدته احتجاجات تونس سوف يكون اذن وفق قراءة طريفة و غير مسبوقة لباديو “خروجا من الغرب”.لكن ماذا يعني تحديدا “الخروج من الغرب”؟ ههنا يسكت الفيلسوف الغربي ،فهو لا يرى بحسب تصريحه”أية اجابة… جاهزة… “عن هذا المشكل. هل يلوح باديو بهذا الصمت الى أن هذا الخروج من الغرب لا يمكن التنبؤ بنتائجه و أن لا نبوة و لا وصاية على تاريخ الشعوب؟ و أن الفيلسوف لا يأتي الا متأخرا لأن بومة مينارفا لا تحلق الا آخر الليل ؟ أم أنه من داخل الغرب لا يمكن أن نتحرر من الغرب ، أي لا يمكن لفيلسوف غربي مثل باديو أن يرشد نا الى كيف الخروج من الغرب؟
أم أن المسكوت عنه الأخطر داخل أطروحة باديو ربما يتمثل في أن “الخروج من الغرب “قد يسقط بنا بالأحرى في الحل السلفي الأصولي الذي آلت اليه الثورة الايرانية؟ و قد يكون من باب التفاؤل السياسي أن نقول أن باديو ربما يلوح الى قدرة الثورة التونسية على اختراع تصميم مغاير لكل الشعوب الثائرة في المستقبل
و مهما يكن من حسن نوايا الفلاسفة فانه ينبغي علينا هنا ألا نتعجل ..و ألا نحث الخطى نحو الاجابات ..ههنا قدر السؤال أن يظل وحيدا يتيما بلا اجابات ..تائها ..متسكعا الى أجل غير مسمى ..أن تكون ثورة تونس “خروجا من الغرب “في المعنى الوحيد الجاهز لدينا عن هكذا خروج :قد نكون هنا بصدد السير نحو عمق الهاوية..حيث يسقط بنا المستقبل ثانية و ثالثة في ماضي مؤبّد …
3° قراءة المسكيني : انتفاضة حيوية ما بعد هوويةهل أن ثورة تونس رغبة في الحرية أم رغبة في الهوية ؟ بهذا السؤال الدقيق يقرر المفكر التونسي ،ومن داخل الثورة التونسية ،أن يقترح علينا قراءة مغايرة للقراءتين الغربيتين، تعتبر أن ما حدث في تونس هو انتفاضة ما بعد هووية لأجيال من الشباب المعطل عن العمل قال “نعم” للحيوي قبل الهووي.وبوسعنا تلخيص أهم طروحات هذا التوصيف الطريف لانتفاضة تونس الذي يعتبر أول نص فلسفي كتب في الثورة ، و لم يمض عليها الأسبوع ، فيما يلي :
أولا ° أن الثقافة التي ننتمي اليها تعاني منذ قرون من الزمن من انفصام فظيع بين علمانيين يستعملون الحرية ضد الهوية و سلفيين يستعملون الهوية ضد الحرية .
ان هذين الطرفين من الصراع حول معنى الانسان في البلاد العربية بعامة هما من انتاج الدولة الأمة الحديثة .وهي دولة لم تفعل طيلة عقود من الاستبداد غير صنع جهاز الهوية الكفيل بانتاج هذا الانفصام و تخزينه و مراقبتته و تجميده و السمسرة به بل واستعماله لفائدة انجاح الدولة الأمنية القمعية و القاتلة لكل حياة سياسية حقيقية.
ثانيا: ان ما وقع في تونس يوم 14 جانفي هو تحديدا تجاوز هذا الانفصام و كسر للحوار الأصم و للجدار المتخشب الذي صنعته الدولة الأمنية الحديثة بين دعاة الهوية و الآملين في الحرية .و هنا بالضبط يدخل على الركح عنصر جديد تماما .انه الشباب المعطل عن العمل .وهو بعبارات المسكيني شباب حديث تماما طال تهميشه الى حد صار فيه الى ” جمهور مهمل خارج عن الاستعمال و كثرة جمالية يائسة او الى معمل لاستهلاك الجسد الرغائبي بلا أي مشروع أخلاقي أو وجودي “..
ثالثا: اننا ازاء” جيل ما بعد هووي ” بامتياز .انه جيل ثار على أمراض الجيل السابق عليه الغارق الى حد النخاع في الضجيج الايديولوجي حول أن نلحد أو أن نؤمن..أن نبني المجتمع المدني على النموذج الغربي ..أم أن نتشبث بالذاكرة و نتاجر بالآخرة ..الحيوي قبل الهووي تعني أن أجساما جائعة معطلة عن العمل قد انتفضت ..من أجل الحياة التي لم تعد تحيا ..و انتصرت ..بأجسامها .. على كل أشكال الموت البطيء الذي عانت منه تحت نير الاستبداد ..نحن اذن أمام ولادة شكل جديد من الذاتية السياسية غير المسبوقة هي بتوصيف طريف للمتفلسف فتحي المسكيني “كثرة فلانية حرة متمردة و ساخطة و عنيفة “.
رابعا : نحن هنا ازاء ” ثورة لم تكن بلا قيادة بل أن مفهوم القيادة قد تغير”.ههنا أطروحة غير مسبوقة تجري تحويرا عميقا على مفهوم القائد و الزعيم و الرمز الثوري بعامة .حيث تتحول القيادة من النخبة و الزعامة و الصنمية التقليدية الاستبدادية الى ” قيادة ميكروسياسية آنية و مؤقتة و متكثرة و متدفقة ” .نهر من الحرية يحررنا مشهده الرائع ، الذي عاشه كل الذين جابوا الشوارع الثائرة و الساخطة ..من فكرة الجماعة الى فكرة اُلكثرة الفلانية العنيفة و الغاضبة ..و الطريف هو أن فكرة الشهيد نفسها قد غيرت من عنوانها ..ذلك أن “شهداء تونس لم يضحوا بأنفسهم من أجل هوية بعينها ..انما هم قُتلوا بدم بارد ..برصاص الدولة القمعية ” كحلّ أمني لمشكل حيوي “.
خامسا : ان انتفاضات شباب تونس هي اذن “انتفاضات نوابت بامتياز..نباتات حرة ..أجسام جائعة و فقيرة و سائبة و لكن منهمرة و منتثرة ..في ساحات المدن الحديثة دون الدفاع عن أي جدار هووي نهائي ..”يتعلق الأمر بنوع من الحرية التي اخترعها شباب حر عالمي على نحو افتراضي فايسبوكي ..انها ثورة قد وقّعت نهاية كل التصورات الاستبدادية للحياة السياسية .من ذلك نهاية فكرة الزعيم و القائد و العامة و الرعية ، من أجل و لادة الكثرة الحيوية الحرة بشكل جذري ..
4 ° ملاحظات أخيرة :لا مشاحة في الأسماء ..لكننا نختار أن نسميها ” الثورة التونسية ” و ذلك لثلاثة أسباب استراتيجية في عمقها :
أولا : احتراما لدماء الشهداء ..لم يموتوا هدرا و اعتباطا ..بل منحوا أنفسهم من أجل العبور ببلادنا الى مستقبل يكفل حرمة الانسان و حريته و عيشه الكريم ..
ثانيا: انصافا لارادة شعب عانى طويلا من الاضطهاد و القهر ..و حينما ثار ..رسم خطة اللاعودة الى الاستبداد ..
ثالثا : كي ندخل التاريخ من الباب الواسع ..و الثورة هي جواز عبورنا الى الضفة الأخرى ..هي ثورة لا تقل عن الثورات العالمية . الثورة الانغليزية (1649). أو الثورة الأمريكية (1775) أو الثورة الفرنسية (1789)..أو الثورة البلشفية (1917) …فلماذا نبخل عليها بما يعضدها و يرتقي بها الى مصاف الأحداث التاريخية الكبرى؟
ان شعبنا الكريم يعيش الآن امتحانا تاريخيا عسيرا .علينا أن ننغمس معه الى حد قلب الهاوية و أن نعيش سويا معاركنا الى النهاية ..لذلك لا يحق للمثقف أن يبث روح التشاؤم و الهزيمة ..كل احباط للطاقة الثورية المتنمرة في قلوب الثائرين و الصادقين نعتبره خيانة للثورة و لارادة الشعب و لكل أغاني الحياة.
و أخيرا ثلاثة أشياء ينبغي اعتبارها من بقايا الدكتاتورية :
أولا : اعتبار أن الشعب لا يفهم :وبالتالي تنصيب أوصياء متحذلقين على مصيره و كرامته ..ومواصلة التلاعب بمشاعر هذا الشعب وثرواته و خيرات بلاده..دون انشغال حقيقي بالأفواه الفاغرة ..ان الجوع لا يصبر و لا يؤجل ..و لا ينتظر الانتقال الديمقراطي .. كفاكم تهريجا أيها المؤقتون ..
ثانيا : ليس كل حديث عن الثورة ثوري بالضرورة ..حذار من السفهاء و الزائفين الذين بصدد التآمر على الثورة ..لقد مات الشهداء حقّا ..أما أنتم فتكذبون..
ثالثا: لسنا جاهزين كفاية كي نفهم الخرائط السياسية الحالية في تونس ، فهي غامضة جدا بل و شبيهة بنسيج العنكبوت الذي تنسجه بعض الأحزاب ، خاصة البنفسجية منها ، مع رموز النظام السابق التي لا تزال ماسكة بزمام الأمور في الحكومة المِؤقتة و المرقّطة ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق